{ ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقاً حسناً }، قيل: العبد يريد به الدين وسمي عبداً لأنه لعبد، وقيل: المراد بالعبد الحي المملوك وعليه أكثر المفسرين، ثم اختلفوا قيل: هو مثل ضربه الله للمؤمنين والكافرين، فأما الكافر فرزقه الله مالاً فلم يعمل خيراً ولم يقدم طاعة { ومن رزقناه منا رزقاً حسناً } فهو المؤمن رزقه الله فيكتسب الخير ويقدم الطاعة، وقيل: مثل ضربه الله لعبادة الأوثان التي لا تملك شيئاً والعدل عن عبادة الله الذي يملك كل شيء وأنتم لا تعلمون، ثم علمتم كيف يضرب الأمثال فقال: مثلكم في إشراككم بالله الأوثان، مثل ما سواء بين مملوك عاجز عن التصرف من مالك قد رزقه الله مالاً { فهو ينفق منه } كيف شاء فقال تعالى: { وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء } الآية نزلت في عثمان بن مظعون ومولى له كان ينفق عليه، وكان مولاه يكره الاسلام وينهاه عن الصدقة، وقيل: الأبكم أبي بن خلف، ومن يأمر بالعدل حمزة بن عبد المطلب، وعثمان بن مظعون قال في الغرائب: نزلت الآية في أبي بكر وأبي جهل { الحمد لله } أي الحمد لله على الكمال { بل أكثرهم لا يعلمون } فيجعلون الحمد لغيره، والأبكم هو الذي لا يقدر على الكلام وهو { كل على مولاه } أي ثقل { أينما يوّجهه } حيث ما يرسله ويصرفه في طلب حاجة { لا يأت بخير هل يستوي هو ومن } هو سليم أي لا يستوي وذلك أنه { يأمر } الناس { بالعدل وهو } في نفسه { على صراط مستقيم } يعني كما لا يستوي بين الرجلين لا يستوي بين الله وبين الأصنام لا يستوي بين من يعبد الله ومن لا يعبده، قيل: نزل قوله: { وما أمر الساعة إلاَّ كلمح البصر أو هو أقرب } في الكفار الذين استعجلوا الفتنة { لعلكم تشكرون } بنعمته عليكم { ألم يروا إلى الطير } قرئ بالتاء، والياء { مسخرات في جوّ السماء } مذلّلات للطيران بما خلق الله لها من أجنحة، والجوّ الهوى المتباعد من الأرض { ما يمسكهن } في قبضهن وبسطهن { إلاَّ الله } وقدرته، قوله تعالى: { والله جعل لكم من بيوتكم سكناً } أي مساكناً تسكنوها من الحجر والمدر وغير ذلك { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } يعني الخيام والقباب والأدم ومن الشعر والوبر للسفر والحضر { يوم ظعنكم } رحلكم وسفركم { ويوم إقامتكم } في بلادكم أي يوم تنزلون وتقيمون { ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها } الصوف للضأن والابل والشعر للماعز { أثاثاً }، قيل: مالاً، وقيل: متاعاً، وقيل: الأثاث المال من الإِبل والغنم والعبيد، وقيل: هو متاع البيت من الفرش والأكسية ونحوها { ومتاعاً } أي بلاغاً تنتفعون بها { إلى حين } إلى مدة، قيل: إلى الموت، يعني أن الانتفاع في الدنيا يكون إلى مدة ولا تدوم، فينبغي للعاقل أن يختار الآخرة، وقيل: إلى حين إلى أن تقوم الساعة { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً } أي أشياء تستظلون بها من الحر وشدته من الأشجار والأبنية { وجعل لكم من الجبال أكناناً } أي مواضع لتسكنوا فيها { وجعل لكم سرابيل } هي القمصان والثياب من الصوف والكتان والقطن وغيره { تقيكم الحر } والبرد وغيرهما { وسرابيل تقيكم بأسكم } يعني أسلحة تقيكم في الحرب مثل الدروع وما أشبه ذلك { كذلك يتم نعمته عليكم } أي بمثل هذه الأشياء تعظم النعمة { لعلكم تسلمون } أي لتدخلوا في الإِسلام إذا تفكرتم في هذه الدلائل.