خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً
٩
إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً
١٠
فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً
١١
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً
١٢
-الكهف

تفسير الأعقم

{ أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم } حسبت، قيل: ظننت، وقيل: علمت أن أصحاب الكهف وقصتهم حين أووْا إلى الكهف وهو الغار وإبقاء حياتهم فيه مدة طويلة، والرقيم: اسم كلبهم، وقيل: لوح من رصاص رقمت فيه أسماؤهم وجعل على باب الكهف، وقيل: الناس رقموا حديثهم، وقيل: الجبل، وقيل: الوادي، وقيل... وبين عطفان وأيلة، وقيل: الرقيم ثلاثة نفر حبسوا في غار فدعوا الله ففرّج عنهم، واختلفوا في أصحاب الكهف، قيل: كانوا قبل عيسى، وقيل: كانوا بعد عيسى، وقيل: كانوا قبل موسى لأنهم في التوراة وكان ملكهم يقال له: دقيانوس يعبد الأصنام ويدعو إليها ويقتل من خالفه فأخبر بمكانهم فدعاهم وأوعدهم وقال: إما أن تعبدوا آلهتنا أو أقتلكم، فقال كبيرهم: إن لنا إلهاً ملء السموات والأرض عَظَمَتُهُ لن ندعو من دونه إلهاً لكن نعبده ونسأله النجاة وكل خير، فقال كلهم مثل ما قال، فأمر بنزع ثيابهم ويجلدوا فإن أطاعوا وإلا قتلوا، وانطلق دقيانوس إلى مدينة أخرى { كانوا من آياتنا عجباً }، قيل: معناه كانوا عجباً مع اني خلقت السموات والأرض وما بينهما ما هو أعجب، وقيل: لا تعجب منهم فأمرك أعجب إذ أسري بك في ليلة من مكة إلى المسجد الأقصى { إذ أوى الفتية إلى الكهف } أي الغار، وقيل: هم قوم هربوا بدينهم، قيل: لما خافوا من يلحقهم { فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة } أي نعمة ينجوا من الكفار { وهيّء لنا من أمرنا رشداً } يعني دلّنا على أمر فيه نجاتنا، وقيل: يهيّء في سائر أمورنا الخير والرشد سألوهم النجاة من الأعداء وكانوا متحيرين في الحق فأجاب الله دعاءهم وألقى النوم عليهم حتى كفّوا من المطعم والملبس { فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً }، قيل: جعلنا فيها ما يمنع من الادراك، وقيل: سلطنا عليهم النوم سنين عدداً أي سنين معدودة { ثمّ بعثناهم } أيقظناهم من نومهم، قوله تعالى: { لنعلم } لنظهر المعلوم فنعلمه موجوداً لأنه لا يعلم كذلك إلا بعد وجوده، وقيل: لنعلم اختلاف الحزبين في مدة لبثهم وأيهم أعلم { أيُّ الحزبين } أي أهل الطائفتين من أهل ذلك الزمان، وقيل: المؤمنين والكفار، وقيل: أحد الحزبين أهل الكتاب عرفوا ذلك في كتبهم، والحزب الثاني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمون وقد أعلمهم الله، وقيل: أن الملك دقيانوس لما غاب ائتمروا بينهم وعلموا أنه إن رجع يقتلهم فخرجوا ومعهم كلبٌ حتى أتوا الكهف، وقيل: مروا بكلب فتبعهم فطردوه فقال: لا تخشوا جانبي أنا أحب أحباء الله نوموا حتى أحرسكم، وروي أنهم مروا براعي له كلبٌ فتبعهم على دينهم، وأووا إلى الكهف يصلّون ويعبدون الله فضرب الله على آذانهم في الكهف سنين عدداً، وكلبهم باسط ذراعيه بباب الكهف، ففقدهم دقيانوس فلم يجدهم وطلبهم حتى أخبر بمكانهم، فأمر أن يسد عليهم الكهف فيكون لهم قبراً، وكان مع دقيانوس رجلان مؤمنان فكتبا أسماءهم وقصّتهم في لوح من رصاص، ومات دقيانوس وانقرضت قومه وقروناً بعدهم كثيرة، وكان لبثهم ثلاثمائة وتسع سنين ينامون وينقلبون على أيمانهم وشمائلهم.