{واضرب لهم} أي لهؤلاء المتكبرين آثروا ما يفنى على ما يبقى، قيل: لقومك، وقيل: لمن يزعم أنه {مثل الحياة الدنيا} يعني سنة الحياة الدنيا ونعيمها {كماء أنزلناه من السماء} وهو المطر {فاختلط به نبات الأرض}، قيل: اختلط الماء بالنبات {فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً}، قوله تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} أي يتزينون بها ويتفاخرون بها {والباقيات الصالحات} يعني أن البقاء الثواب، العمل الصالح، وقيل: الطاعات، وقيل: لا إله إلا الله والصيام والحج والجهاد، وقيل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقيل: الصلوات الخمس {وخير أملاً} أي خير شيء تأمله المرء {ويوم نسيّر الجبال} يعني يوم القيامة أي نزيلها عن أمكنتها {وترى الأرض} أيها الإِنسان {بارزة} ليس عليها ما يسترها مما كان عليها، فلا شيء يسترها عن أعين الناظرين من بناء من جبل وشجر والبروز أصله الظهور، قيل: يحشر الناس في صعيد واحد يرى بعضهم، وقد يرى ما كان في بطنها فصار على ظهرها {وحشرناهم} وجمعناهم إلى الموقف {فلم نغادر منهم أحداً} أي لم نترك أحداً إلا وقد جمعناه، وقيل: يحشرون حفاة عراةً عزلاً {وعرضوا} يعني عرضوا للمحاسبة {على ربك صفاً} كصفوف الصلاة يعرضون قياماً {كما خلقناكم أول مرة} أحياءً حفاة عراةً عزلاً، وقيل: لا أموال ولا أولاد {بل زعمتم ألن نجعل} لكم موعداً يعني الجزاء والحساب يوم القيامة {ووضع الكتاب} يعني صحائف الأعمال {فترى المجرمين مشفقين} خائفين {مما فيه} من الأعمال السيئة {ويقولون} إذا قرأوها {يا ويلتنا} يدعون بالويل والثبور، والويل: الهلاك {ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} أي لا شيئاً من الذنوب إلا أحصاها، قيل: الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة، وقيل: الكبيرة الزنا، وقيل: المراد به يجري بما جل ودق لأن الصغيرة ما نقص عقابه عن طاعته والكبيرة ما زاد عقابه على ثواب طاعته، ومتى قيل: أليس معفواً عنها؟ قيل: لا صغيرة للكفار وإنما يقع الصغائر من المؤمن {ووجدوا ما عملوا حاضراً} في الصحف عتيداً {ولا يظلم ربك أحداً} فيكتب عليه ما لم يعمل أو يزيد في عقابه، ثم بيّن تعالى ما جرى من ابليس تحذيراً من مثل حاله فقال سبحانه: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} وقد بيّنا أنه سجود تحيّة لا سجود عبادة، وقيل: إنه قبله للسجود {فسجدوا} يعني الملائكة {إلا ابليس} فأمر معهم بالسجود وإن لم يكن منهم {كان من الجن}، قيل: إنه كان أبو الجن كما أن آدم أبو الإِنس روي ذلك في الحاكم، وقيل: كان من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء، وقيل: كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن كانوا خزان الجنان وسموا الجن لاستتارهم من العيون {ففسق عن أمر ربه} أي خرج عن طاعة ربه {أفتتخذونه وذريته} خطاب لبني آدم {وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ} قد ظهرت عداوتهم وهذا استفهام والمراد به الإِنكار، أي لا تتخذونهم أولياء، والذرية النسل، قال الحسن: الإِنس عن آخرهم ذرية آدم والجن عن آخرهم ذرية ابليس {بئس للظالمين بدلاً} البدل ابليس وذريته من الله {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض} يعني الكفار، وقيل: آدم وذريته لم يحضروا ذلك، وقيل: الملائكة يعني إذا لم يشهدوا خلق هذه الأشياء فلم زعموا أن الملائكة بنات الله؟ وقيل: {ما أشهدتهم} ما خلقت مستعيناً بهم في الخلق والتدبير، وقيل: أراد أنهم مخلوقون لم يكونوا كما خلق السماوات والأرض وكلهم مخلوقون.