خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً
٤٥
ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً
٤٦
وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً
٤٧
وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً
٤٨
وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً
٤٩
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً
٥٠
مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً
٥١
-الكهف

تفسير الأعقم

{ واضرب لهم } أي لهؤلاء المتكبرين آثروا ما يفنى على ما يبقى، قيل: لقومك، وقيل: لمن يزعم أنه { مثل الحياة الدنيا } يعني سنة الحياة الدنيا ونعيمها { كماء أنزلناه من السماء } وهو المطر { فاختلط به نبات الأرض }، قيل: اختلط الماء بالنبات { فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً }، قوله تعالى: { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } أي يتزينون بها ويتفاخرون بها { والباقيات الصالحات } يعني أن البقاء الثواب، العمل الصالح، وقيل: الطاعات، وقيل: لا إله إلا الله والصيام والحج والجهاد، وقيل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقيل: الصلوات الخمس { وخير أملاً } أي خير شيء تأمله المرء { ويوم نسيّر الجبال } يعني يوم القيامة أي نزيلها عن أمكنتها { وترى الأرض } أيها الإِنسان { بارزة } ليس عليها ما يسترها مما كان عليها، فلا شيء يسترها عن أعين الناظرين من بناء من جبل وشجر والبروز أصله الظهور، قيل: يحشر الناس في صعيد واحد يرى بعضهم، وقد يرى ما كان في بطنها فصار على ظهرها { وحشرناهم } وجمعناهم إلى الموقف { فلم نغادر منهم أحداً } أي لم نترك أحداً إلا وقد جمعناه، وقيل: يحشرون حفاة عراةً عزلاً { وعرضوا } يعني عرضوا للمحاسبة { على ربك صفاً } كصفوف الصلاة يعرضون قياماً { كما خلقناكم أول مرة } أحياءً حفاة عراةً عزلاً، وقيل: لا أموال ولا أولاد { بل زعمتم ألن نجعل } لكم موعداً يعني الجزاء والحساب يوم القيامة { ووضع الكتاب } يعني صحائف الأعمال { فترى المجرمين مشفقين } خائفين { مما فيه } من الأعمال السيئة { ويقولون } إذا قرأوها { يا ويلتنا } يدعون بالويل والثبور، والويل: الهلاك { ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها } أي لا شيئاً من الذنوب إلا أحصاها، قيل: الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة، وقيل: الكبيرة الزنا، وقيل: المراد به يجري بما جل ودق لأن الصغيرة ما نقص عقابه عن طاعته والكبيرة ما زاد عقابه على ثواب طاعته، ومتى قيل: أليس معفواً عنها؟ قيل: لا صغيرة للكفار وإنما يقع الصغائر من المؤمن { ووجدوا ما عملوا حاضراً } في الصحف عتيداً { ولا يظلم ربك أحداً } فيكتب عليه ما لم يعمل أو يزيد في عقابه، ثم بيّن تعالى ما جرى من ابليس تحذيراً من مثل حاله فقال سبحانه: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } وقد بيّنا أنه سجود تحيّة لا سجود عبادة، وقيل: إنه قبله للسجود { فسجدوا } يعني الملائكة { إلا ابليس } فأمر معهم بالسجود وإن لم يكن منهم { كان من الجن }، قيل: إنه كان أبو الجن كما أن آدم أبو الإِنس روي ذلك في الحاكم، وقيل: كان من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء، وقيل: كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن كانوا خزان الجنان وسموا الجن لاستتارهم من العيون { ففسق عن أمر ربه } أي خرج عن طاعة ربه { أفتتخذونه وذريته } خطاب لبني آدم { وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ } قد ظهرت عداوتهم وهذا استفهام والمراد به الإِنكار، أي لا تتخذونهم أولياء، والذرية النسل، قال الحسن: الإِنس عن آخرهم ذرية آدم والجن عن آخرهم ذرية ابليس { بئس للظالمين بدلاً } البدل ابليس وذريته من الله { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض } يعني الكفار، وقيل: آدم وذريته لم يحضروا ذلك، وقيل: الملائكة يعني إذا لم يشهدوا خلق هذه الأشياء فلم زعموا أن الملائكة بنات الله؟ وقيل: { ما أشهدتهم } ما خلقت مستعيناً بهم في الخلق والتدبير، وقيل: أراد أنهم مخلوقون لم يكونوا كما خلق السماوات والأرض وكلهم مخلوقون.