خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ ٱلْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً
٥٤
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِٱلصَّـلاَةِ وَٱلزَّكَـاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً
٥٥
وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً
٥٦
وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً
٥٧
أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً
٥٨
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً
٥٩
إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً
٦٠
جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً
٦١
لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
٦٢
تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً
٦٣
-مريم

تفسير الأعقم

{ واذكر في الكتاب إسماعيل } هو أكبر ولد إبراهيم، ذكر إسماعيل (عليه السلام) بصدق الوعد وإن كان موجوداً في سائر الأنبياء تشريفاً له، وعن ابن عباس أنه وعد صاحباً أنه ينتظره في مكان فانتظره سنة { وكان يأمر أهله بالصلاة }، قيل: كان يأمر أمته بالصلاة والزكاة، وقيل: يأمر أهله بصلاة الليل وصدقة النهار، وقيل: الزكاة ما يزكيهم ويقربهم إلى الله { وكان رسولاً نبيّاً }، قيل: جمع بينهما تأكيداً { وكان عند ربه مرضياً }، قيل: صالحاً زكياً (رضي الله عنه) فحصل له عنده المنزلة العظيمة، وقيل: رضي عمله { واذكر في الكتاب } القرآن { ادريس } هو جدّ أب أب نوح، وقيل: اسمه اخنوخ وليس نبي لأنه تعالى سمَّاه إدريس { إنه كان صديقاً نبياً } كثير الصدق، وقيل: أنزل إليه عليه ثلاثين صحيفة وهو أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب وأول من خاط الثياب ولبسها وكانوا يلبسون الجلود { ورفعناه مكاناً علياً }، قيل: إلى الجنة ولا بناء أعلى من الجنة، وقيل: إلى السماء السادسة، وقيل: إلى السماء الرابعة، وروي أنه حي لم يمت، وروي أن الله رفعه إلى السماء ثم قبض روحه، وقيل: العلا شرف النبوة والزلفى عند الله، ولما فصل ذكر النبيين وذكر كل أحد بخصلة جمعهم في المدح فقال سبحانه: { أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين } بالنبوة، وقيل: سائر الثواب { من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح } وكان إدريس من ذرية آدم لقربه منه لأنه جدّ أبي نوح وإبراهيم من ذرية من حمل مع نوح لأنه من ولد سام بن نوح، وإسماعيل من ذرية إبراهيم، وموسى وهارون وزكريا ويحيى من ذرية إسرائيل، وكذلك عيسى ابن مريم ذريته { وممن هدينا } من الأمم { واجتبينا } أي اخترناهم للرسالة { إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرّوا سُجّداً وبكياً } قال جار الله: يعني وقعوا في السجود لله تعالى باكين، والبكاء جمع باك كالسجود والقعود جمع ساجد وقاعد، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا" وعن صالح المري: قرأت القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فقال لي: "يا صالح هذه القراءة فأين البكاء؟" وعن ابن عباس: إذا قرأتم سجدة سبحان فلا تعجلوا بالسجود حتى تبكوا فإن لم تبكِ عين أحدكم فليبك قلبه، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "أن القرآن نزل محزن فإذا قرأتموه فتحازنوا" وقالوا: ندعو في سجدة التلاوة بما يليق بآياتها فإن قرأ آية تنزيل السجدة، قال: اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك، المسبحين بحمدك، وأعوذ بك أن أكون من المستكبرين، وإذا قرأ سجدة سبحان قال: اللهم اجعلني من الباكين إليك، الخاشعين لك، وإن قرأ هذه قال: اللهم اجعلني من عبادك المنعم عليهم، المهتدين الساجدين لك، الباكين عند تلاوة آياتك { فخلف من بعدهم خلف } يعني قوم بعد النبيين المذكورين، قيل: هم اليهود ومن معهم تركوا الصلاة المفروضة وشربوا الخمر واستحلوا نكاح الأخت من الأب، وقيل: هم في هذه الأمة والله أعلم { فسوف يلقون غياً } عذاباً أو غياً عن طريق الجنة، وقيل: غيا واد في جهنم تستعيذ منها أوديتها { إلاَّ من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً } أي لا ينقصون حقهم، { جنات عدن } جنات إقامة، لا تزول الجنة ولا سكانها { التي وعد الرحمن عباده } المؤمنين { بالغيب } يعني غائب عنهم لم يروها { إنه كان وعده مأتياً } { لا يسمعون فيها لغواً } مثل الخنا والفحش والأباطيل، وقيل: يميناً كاذبة، وقيل: مآثماً { إلاَّ سلاماً } وهو تسليم الله عليهم، وقيل: أراد تسليم الملائكة { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً } يعني مقدار طرفي النهار، وقيل: أراد إدرار الرزق عليهم في أي وقت شاؤوا { تلك الجنة } ما وصفت { التي نورث من عبادنا } وقرئ نورث استعارة أي نبقي الرزق عليه الجنة كما نبقي على الوارث مال الموروث، وقيل: لكل مكلف موضع في الجنة فإذا عصى دفع إلى غيره فلذلك سماه إرثا.