خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ أَنَّآ أَرْسَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً
٨٣
فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً
٨٤
يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً
٨٥
وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً
٨٦
لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً
٨٧
وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً
٨٨
لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً
٨٩
تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً
٩٠
أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً
٩١
وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً
٩٢
إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً
٩٣
لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً
٩٤
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً
٩٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وُدّاً
٩٦
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً
٩٧
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً
٩٨
-مريم

تفسير الأعقم

{ ألم تر أنَّا أرسلنا الشياطين على الكافرين }، قيل: أراد خلّينا بينهم وبين الشياطين إذا وسوسوا اليهم ودعوهم إلى الضلال وهذا مجاز كما يقال خلا بين الكلب وبين غيره، أرسل كلبك عليه { تؤزهم أزاً }، قيل: تزعجهم إزعاجاً من الطاعة إلى المعصيَّة، وقيل: تأمرهم بالمعاصي، ويقال: أزّه على كذا إذا غراه به، وأزرت الشيء إلى الشيء ضممته اليه، وأزعجه أزّه أزاً إذا هزّه بالازعاج { فلا تعجل عليهم }، قيل: لا تعجل بإهلاكهم فإن لهم أمداً { إنما نعد لهم عداً } والله تعالى يعد أيامهم عدَّاً { يوم نُحشر المتّقين } يعني يوم القيامة { إلى الرحمان } إلى حيث لا يملك سواه، وقيل: إلى ثواب جنته { وفداً }، قيل: جماعات، وقيل: ركاباً، وقيل: يأتون بنوق لم يُر مثلها { ونسوق المجرمين }، قيل: المكذبين { إلى جهنم ورداً }، قيل: عطاشاً لأن من يرد الماء لا يرد إلاَّ للعطش { لا يملكون الشفاعة } يعني هؤلاء الكفار { وإلاَّ } استثناء { من اتخذ عند الرحمان عهداً }، قيل: العهد الاعتقاد للتوحيد والاخلاص، "وعن ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأصحابه ذات يوم: أيعجز أحدكم أن يتخذ عند الله كل صباح ومساء عهداً قالوا: وكيف ذلك؟ قال: تقول كل صباح ومساء: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد اليك أني أشهد أن لا إله إلاَّ أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمَّداً عبدك ورسولك، وإنك ان تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلاَّ برحمتك، فاجعل لي عندك عهداً توفينيه يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد، فإذا قال ذلك طبع الله عليه بطابع ووضع تحت العرش، فإذا كان يوم القيامة نادى منادي أين الذين لهم عند الله عهداً فيدخلون الجنة لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة المأذون له" .
وقيل: عملاً صالحاً، وقيل: أن يشهد أن لا إله إلا الله { وقالوا اتخذ الرحمان ولداً } يعني اليهود والنصارى ومشركي العرب جعلوا لله ولداً { لقد جئتم شيئاً إدَّا }، قيل: منكراً عظيماً، وقيل: قطيعاً { تكاد } كلمة وضعت للقرب دون الوقوع { السماوات يتفطّرن } يتشققن من قولهم وهذا مجاز { منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً }، قيل: أراد استعظاماً للكلمة وتهويلاً، وقيل: أن الله سبحانه يقول: كدت أفعل بالسماوات والأرض عند وجود هذه الكلمة غضباً مني على من تفوه بها لولا حلمي وإني لا أعجل بالعقود روي ذلك في الكشاف، وهذا مجاز ومعناه لو تنفطر السماوات والأرض لشيء عظيم لكانت تنفطر من هذا العظيم ما قالوا، وقيل: تكاد القيامة تقوم وتنشق السماء والأرض لعظم قولهم لكن لها أمد لا يقيمها إلا عند ذلك { أن دعوا للرحمان ولداً } يعني أن هذه الأشياء لو كانت إنما تكون لأجل ادعائهم أن للرحمان ولداً لأن إثبات الولد يقتضي حدوثه وخروجه من صفات الإلهية، ثم نفى ذلك عن نفسه غاية النفي فقال سبحانه: { وما ينبغي للرحمان أن يتخذ ولداً } أي ليس من صفات الرحمان اتخاذ الولد، ثم دل عليه بما بيَّن أن الولد من صفات المحدثين والله قديم ملك جميع الأشياء فكيف يليق به الولد؟! فقال سبحانه: { إن كل من في السماوات والأرض } يعني الخلق من الجن والإِنس والملائكة { إلاَّ آتي الرحمان عبداً } أي يأتون ويقرّون على أنفسهم فكلهم عبيده { لقد أحصاهم وعدّهم عدَّا } فلا يخفى عليه شيء منهم ولا من أعمالهم { وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً } بعلمه ليس معه شيء من الدنيا، وقيل: ليس معه عون وناصر وولد، ثم بيَّن تعالى ذكر الوعد بعد تقديم الوعيد فقال سبحانه: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذكره الحاكم، فما من مؤمن إلاَّ ولعلي في قلبه محبة عن ابن عباس { سيجعل لهم الرحمان وداً }، قيل: في الدنيا، وقيل: في الآخرة، وقيل: محبة الملائكة في السماء والإِنس والجن في الأرض، وقيل: هو عام { فإنما يسرناه بلسانك } وهي بلغة العرب { لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً }، قيل: شداد في الخصومة، وقيل: صماً، وقيل: الألد الظالم { وكم أهلكنا قبلهم }، قيل: هؤلاء الكفار { من قرن } من أمة { هل تحسّ }، قيل: ترى، وقيل: تجد { منهم من أحدٍ أو تسمع لهم ركزاً } والركز الصوت الخفي وأصل الركز الحس، وقيل: إنهم ينسون فلا يذكرون، نتلو ذلك الكلام في سورة طه والله الميسر والمعين.