خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى
١٢٩
فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ
١٣٠
وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
١٣١
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ
١٣٢
وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ
١٣٣
وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ
١٣٤
قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ
١٣٥
-طه

تفسير الأعقم

{ ولولا كلمة سبقت من ربك } الكلمة وعد الله بتأخير العذاب ولولا هذه العدة لكان مثل عاد وثمود { وأجل مسمى }، قيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره لولا كلمة سبقت وأجل مسمى لكان العذاب لازماً، قيل: الأجل المسمى قيام الساعة، وقيل: الأجل الذي كتب الله تعالى لكل أحد، ثم أمره سبحانه بالصبر فقال تعالى: { واصبر على ما يقولون } من التكذيب والأذى، يعني اصبر حتى يأتيك النصر، فهو وعيد لهم ووعد للمؤمنين وتسلية { وسبّح بحمد ربك }، قيل: سبّح في هذه الأوقات واحمده، وقيل صلّ في هذه الأوقات، وقيل: أراد { قبل طلوع الشمس } أراد صلاة الفجر { وقبل غروبها } صلاة العصر { ومن آناء الليل } صلاة المغرب والعشاء { وأطراف النهار } صلاة الظهر، وقيل: أطراف النهار الظهر والمغرب، وقيل: قبل طلوع الشمس: الفجر، وقبل غروبها: الظهر والعصر، ومن اناء الليل: المغرب والعشاء، وأطراف النهار: صلاة التطوع، ومن حمل الآية على التسبيح قال: أراد المداومة عليها في عموم الأوقات وهو الظاهر قال جار الله: اناء الليل في أناء الليل صلاة العَتمَة وفي أطراف النهار صلاة المغرب وصلاة الفجر على التكرار { لعلَّك ترضى } بما يعطيك الله، قال جار الله: لعل للمخاطب أي اذكر الله في هذه الأوقات طمعاً ورجاء أن تنال ما به عند الله برضى نفسك ويسرّ قلبك، وقرئ ترضيا أي يرضيك ربك { ولا تمدّن عينيك } ومدّ النظر تطويله، ولا يكاد يرده استحساناً للمنظور إليه وإعجاباً به وتمنياً أن يكون له كما فعل نظاره قارون حين قالوا: { { يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ } [القصص: 79] حتى وبّخهم أولو العلم والإِيمان بـ { ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً } وفيه أن النظر غير الممدود مفعوّ عنه مثل نظر الشيء بالنظر عن غضّ البصر، قال جار الله: ولقد شدَّد العلماء من أهل التقوى في وجوب غض النظر عن آنية الظلمة، وعدّد الفسقة في اللباس والمراكب وغير ذلك لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء للعيون الناظرة، فالناظر إليها محصل لعرضهم كالمغري لهم على اتخاذها، والآية نزلت برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل به ضيف ولم يكن عنده شيء، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى يهودي يستقرضه فأبى أن يعطيه إلا برهن، فحزن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: "إني لأمين من في السماء وإني لأمين من في الأرض أحمل إليه درعي الحديد" فنزلت { ولا تمدَّن عينيك إلى ما متعنا به } أي أعطيناهم ليتمتعوا بها من نعم الدنيا { أزواجاً منهم }، قيل: أراد بالأزواج أصنافاً من نعيم الدنيا { زهرة الحياة الدنيا }، قيل: زينتها { لنفتنهم فيه } أي لنختبرهم { ورزق ربك }، قيل: عطاء ربك، قيل: هو الذي وعدك به في الآخرة { خيرٌ وأبقى } كما متعنا به هؤلاء في الدنيا ومثل ما أعطيناك من نعمة الإِسلام والنبوة { وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها }، قيل: أهل بيتك وأهل دينك، واصطبر عليها أي على ثقلها { لا نسألك رزقاً } يعني لا تهتم بالرزق والمعيشة، فإن رزقك مكفي عندنا ونحن رازقوك ولا نسألك أن ترزق نفسك ولا أهلك، ففرغ بذلك لأمر الآخرة والعاقبة المحمودة لأهل التقوى، وعن عروة بن الزبير إذا رأى ما عند السلطان ودخل بيته وقرأ: { ولا تمدن عينيك } الآيات ثم ينادي الصلاة يرحمكم الله { وقالوا } يعني الكفار { لولا يأتينا بآية من ربه } كما أنزلها الأنبياء من قبله { أولم تأتهم بيّنة ما في الصحف الأولى } هي أم الآيات وأعظمها في باب الإِعجاز يعني القرآن { ولو أنَّا أهلكناهم بعذاب من قبله } أي من قبل نزول القرآن وبعثة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً } يعني لو هلكوا في الدنيا ثم بعثوا في يوم القيامة { لقالوا } الآية { قل } يا محمد لهؤلاء الكفار { كلٌ متربصٌ } منتظر الدوائر لمن تكون { فتربصوا } أنتم انتظروا { فستعلمون } إذا جاء أمر الله وقامت القيامة { من أصحاب الصراط السوي } الطريق المستقيم { ومن اهتدى } إلى الرسل نحن أم أنتم؟!.