خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ
٤٨
ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
٤٩
وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
٥٠
وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ
٥١
إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيۤ أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ
٥٢
قَالُواْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا لَهَا عَابِدِينَ
٥٣
قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٥٤
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا بِٱلْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ ٱللاَّعِبِينَ
٥٥
قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ٱلَّذِي فطَرَهُنَّ وَأَنَاْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٥٦
وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ
٥٧
-الأنبياء

تفسير الأعقم

{ ولقد آتينا موسى وهارون } أي آتيناهما { الفرقان } وهو التوراة وآتيناهما { ضياء وذكراً للمتّقين } والمعنى أنه في نفسه ضياء وذكراً، وآتيناهما بما فيه من الشرائع والمواعظ ضياء وذكراً، وعن ابن عباس: لفرقان الفتح كقوله: { يوم الفرقان }، وقيل: فلق البحر { الذين يخشون ربهم } أي يخافون عقابه بالغيب في سرائرهم { وهم من الساعة مشفقون } خائفون، قوله تعالى: { وهذا ذكر } يعني القرآن { مبارك } وبركته كثيرة ألا من تمسك به وعمل به استحق ثواب الأبد { أفأنتم له منكرون } قيل: جاحدون مع كونه معجز؟! { ولقد آتينا إبراهيم رشده } وهو الاحتباء لوجه الصلاح، قال تعالى: { { فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم } [النساء: 6] { من قبل } موسى وهارون، وقيل: { من قبل } محمد { وكنا به عالمين } أي علمنا أنه هو أهل النبوة ومصطلح لها يقوم بها عملاً { وإذ قال لأبيه } آزر وقومهم حين رآهم يعبدون الأصنام { ما هذه التماثيل } الصور التي لا تنفع ولا تضر؟ تجاهُل لهم وتصغير شأنها مع علمه بتعظيمهم وإجلالهم لها { التي أنتم لها عاكفون } مقيمون على عبادتها؟! { قالوا بل وجدنا آباءنا لها عابدين }، قال جار الله: ما أقبح التقليد والقول المتقبل بغير برهان، وما أعظم كيد الشيطان للمقلدين حين استدرجهم إلى أن قلدوا آباءهم في عبادة التماثيل، وعفروا لها جباههم وهم معتقدون أنهم على شيء، فجادلوا في نصرة مذهبهم، ومجادلون لأهل الحق عن باطلهم، وكفى أهل التقليد سيئة ان عبدوا الأصنام، ثم بيَّن تعالى جواب إبراهيم لقومه فقال سبحانه: { بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهنَّ } أي خلقهن، قال جار الله: الضمير في فطرهن للسماوات والأرض أو للتماثيل، وكونه للتماثيل أدخل في تضليلهم وأثبت للاحتجاج عليهم { وأنا على ذلكم من الشاهدين } وذلك مبالغة في إظهار الحق، قال جار الله: وشهادته على ذلك بالحجة عليه وتصحيحه بها كما تصح الدعوى بالبينات لأني لست مثلكم، فأقول ما لا أقدر على إثباته بالحجة كما لم تقدروا على الاحتجاج لمذهبكم، ولم تزيدوا على أنكم وجدتم عليه آباءكم { وتالله } هذا قسم به سبحانه { لأكيدنّ أصنامكم بعد أن تولَّوا مدبرين } قيل: في حال غيبتكم، وقيل: إشارة إلى أنها تحتاج إلى نصرهم فإذا غابوا لا يقدرون على حفظ أنفسهم، وقيل: كان هذا يوم عيد لهم، وقيل: كان لهم في كل سنة عيد إذا رجعوا دخلوا على أصنامهم وسجدوا لها، وروي أن آزر خرج به في يوم عيد، فبدأوا ببيت الأصنام فدخلوا وسجدوا لها من دون الله وضعوا بينها طعاماً، فخرجوا وبقي إبراهيم ونظر إلى الأصنام وكانت سبعين صنماً مصطفّة وثمّ صنم عظيم مستقبل الباب وكان من ذهب وفي عينيه جوهرتان تضيئان بالليل، فكسرها كلها بفأس في يده حتى لم يبق إلاَّ الكبير علق الفأس في عنقه، قيل: كان ذلك سراً من قومه، وروي سمعه رجل واحد.