خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ
٨٣
فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ
٨٤
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّابِرِينَ
٨٥
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
٨٦
وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٧
فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ
٨٨
-الأنبياء

تفسير الأعقم

{ وأيّوب إذ نادى ربه } لما اشتدت المحنة به وانقرضت أحواله ونفدت أولاده وسوس له الشيطان بما ضيق صدره فدعا ربه وكان أيوب (عليه السلام) من ولد إسحاق بن يعقوب وقد استثناه الله وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله، وكان له سبعة بنين وسبع بنات، وكان له أصناف البهائم وخمس مائة فدّان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد، فأبلاه بذهاب ولده، انهدم عليهم البيت فهلكوا، وبذهاب ماله، وبالمرض في بدنه ثمان عشرة سنة، وقيل: ثلاث عشرة سنة، وقيل: سبع سنين، وقيل: أربعون، وقيل: ثمانون سنة { وآتيناه أهله } ورد الله عليه أهله وجميع ماله { ومثلهم معهم رحمة من عندنا } أي نعمة منا عليه { وذكرى للعابدين } أي لكل مؤمن في الصبر والانقطاع إلى الله والتوكل عليه لأن كل من تذكر أمر أيوب سهل عليه الأمر وهان عليه المحن، وقيل: لئلا يعجبوا بعبادتهم إذا علموا حال أيوب، وقيل: ليقتدي به أهل البلاء ويعلموا أن عاقبة الصبر محمودة { وإسماعيل } هو أكبر ولد إبراهيم وأمه هاجر، وقيل: هو الذبيح، قال في الحاكم: وهو الصحيح { وذا الكفل } هو الياس، وقيل: زكريا، وقيل: يوشع بن نون، قال جار الله: كأنه سمي بذلك لأنه ذو الحظ من الله، وقيل: كان له ضعف عمل الأنبياء في زمانه، وقيل: ضعف ثوابهم وقيل: كان يتكفل، وقيل: كان يتكفل بأمر من قام به { وأدخلناهم في رحمتنا } أي أنعمنا عليهم، بالنبوة، وقيل: بالجنة والثواب { إنهم من الصالحين } أي الفاعلين للصلاح في أمر دينهم، ثم ذكر قصة يونس وزكريا فقال سبحانه: { وذا النون } أي صاحب النون وهو يونس { إذ ذهب مغاضباً } لقومه يعني غضب على قومه حين عصوه ولم يؤمنوا به فخرج قبل أن يؤذن، وظنّ أنه لا يعدّ ذنباً فكانت صغيرة مغفورة من جهته { فظن أن لن نقدر عليه } يعني نضيق عليه، وقيل: ظنّ أن لن نقضي عليه بالعقوبة، وقيل: ظنّ أن لن نقضي عليه بالرجوع إلى قومه، والقدرة بمعنى القضاء { فنادى في الظلمات }، قيل: ظلمة الليل، وقيل: ظلمة البحر وظلمة بطن الحوت، وقيل: حوت في بطن حوت آخر، وروي أنه اقترع أهل السفينة وخرجت القرعة عليه ثلاث مرات فقام وقال: أنا العبد الآبق وألقى نفسه في الماء فابتلعه حوت واختلفوا كم مكث في بطنه قيل: أربعون يوماً وليلة، وقيل: سبع أيام، وقيل: ثلاثة، وأمسك الله نفسه في بطن الحوت حيَّاً معجزة له، وقوله: { أن لا إله إلاَّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } لنفسي { فاستجبنا له } أي أجبنا دعاءه { ونجّيناه من الغم } من غم البحر، وقيل: قذفه الحوت إلى الساحل ثم أرسله الله إلى قومه { وكذلك ننجي المؤمنين } إذا دعونا، وعن سعيد بن المسيب يرفعه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "اسم الله إذا دعي به أجاب دعاء يونس. قال الراوي: قلت: يا رسول الله أله خاصة؟ قال: له خاصة ولجميع المسلمين عامَّة ألم تسمع إلى قوله: { وكذلك ننجي المؤمنين }" .