خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً
١٥
لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً
١٦
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ
١٧
قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً
١٨
فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً
١٩
وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً
٢٠
وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً
٢١
يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً
٢٢
وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً
٢٣
أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً
٢٤
-الفرقان

تفسير الأعقم

{ قل أذلك خير أم جنّة الخلد }، قال جار الله: الراجع إلى الموصولين محذوف، يعني وعدها المتّقون وما يشاؤونه، وإنما قيل: كانت لأن ما وعده الله فهو في تحققه كأنه قد كان، يعني الجنة قد كانت للمتقين جزاء على أعمالهم ومصيراً يصيرون إليها، أو كان مكتوباً في اللوح مصيرهم { لهم فيها ما يشاؤون } من النعيم { خالدين كان على ربك وعداً } أي واجبٌ عليه لما استحقوه بطاعتهم وعدهم الله بذلك في الدنيا إن أطاعوه ولا يجوز عليه الخلف { مسؤولاً } يعني لهم أن يسألون ما وعدتهم، وقيل: إنهم سألوه في الدنيا قالوا: { { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } [آل عمران: 194]، وقيل: واجباً طلبه وقد سأله الملائكة والأنبياء من قولهم: { { ربنا وأدخلهم جنّات عدن } { ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله }، قيل: هم المعبودون من الملائكة والمسيح وعزير، وعن الكلبي: الأصنام ينطقها الله تعالى، ويجوز أن يكون عاماً لهم فيقول الله تعالى لهؤلاء المعبودين: { أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } المشركين { أم هم ضلّوا السبيل }، قيل: طريق الجنة والنجاة وطريق الدين { قالوا } يعني المعبودين الملائكة والإِنس والأصنام { سبحانك } تنزيهاً لك عن الشرك { ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء } يعني ليس لنا أن نتولى أعدائك بل أنت وليّنا من دونهم { ولكن متعتهم وآباءهم } في الدنيا بالصحة والنعمة { حتى نسوا الذكر } القرآن فلم يعملوا به { وكانوا قوماً بوراً } أي هلكى، قوله تعالى: { فقد كذبوكم بما تقولون } يعني كذبوكم الملائكة فكذبوكم انهم آلهة، وقيل: كذبكم المشركون أيها المؤمنون بما تقولون من توحيد الله وعدله ونبوة محمد وغيره من الأنبياء { فما تستطيعون صرفاً ولا نصراً } يعني لا يَستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم من البلاء الذي هم فيه { ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً } أي عذاب جهنم { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } وهذا جواب لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } للعداوة إلى نبيكم، والآية نزلت في أبي جهل بن هشام، والوليد بن عقبة، والعاص، والنضر، وذلك أنهم لما رأوا أبا ذر وابن مسعود وعمار وبلالاً وصهيب أسلموا قالوا: لم نسلم فنكون مثل هؤلاء { أتصبرون } والصبر على مشاق الأذى { وكان ربك بصيراً }، قيل: بأعمال العباد { وقال الذين لا يرجون لقاءنا } ثواب الله على الطاعة، وهذا عبارة على إنكارهم البعث: { لولا أنزل علينا الملائكة } فيخبرونا بأنك صادق { أو نرى ربنا } فيخبرنا بصحة ما جئت به { لقد استكبروا في أنفسهم } أي تعظّموا عن قبول الحق واتباع الرسول { وعتوا عتواً كبيراً }، قيل: عتوا في القول، والعتوّ شدة الكفر { يوم يرون الملائكة }، قيل: عند الموت، وقيل: يوم القيامة { لا بشرى يومئذ للمجرمين } يعني لا بشارة لهم بخير { ويقولون حجرا محجوراً }، قيل: تقول لهم الملائكة البشرى حرام عليكم محرم، وقيل: الجنة حرام عليكم لا تحريم بعد { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل }، قيل: قدمنا عهدنا، وتقديره قصدنا قصد القادم على ما يكرهه، وقيل: الملائكة وقت المحاسبة إذا رأوا أعمالهم ردوها عليهم فجعل قدوم الملائكة قدوماً له تفخيماً لشأنهم، وقوله { إلى ما عملوا }، قيل: ما عملوا لا يريدون به وجه الله، وقيل: ما عملوا من أعمال البر، وقيل: ما عملوا من عبادة غير الله وظنّوها طاعة { فجعلناه هباء منثوراً }، قيل: الهباء الذي يرى في كوة البيت مع شعاع الشمس كالغبار، وقيل: هو ما سقته الرياح وذرته من التراب، وهذا مثل، يعني يذهب أعمالهم باطلاً لا ينتفعون به من حيث عملوا لغير الله منثوراً مفرقاً.