خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً
٥٨
ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً
٥٩
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً
٦٠
تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً
٦١
وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً
٦٢
وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً
٦٣
وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً
٦٤
-الفرقان

تفسير الأعقم

{ وتوكل على الحي الذي لا يموت } أمره بأن يتّق الله ويسند أمره إليه في استكفاء شرورهم مع التمسك بقاعدة التوكل وأساس المنجا وهو طاعة الله وعبادته وتنزيهه وتحميده، وعرّفه بأن الحي الذي لا يموت حقيق بأن يتوكل عليه ولا يتوكل على غيره من الأحياء الذي يموتون، وعن بعض السلف أنه قرأها فقال: لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق { وكفى به بذنوب عباده خبيراً } أي عليماً فيجازيه { الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام } يعني في مدة مقدارها هذه المدة لأنه لم يكن حينئذ ليل ولا نهار، وفي ستة أيام من أيام الآخرة وكل يوم ألف سنة والظاهر أنها من أيام الدنيا، وعن مجاهد: أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة { ثم استوى على العرش الرحمان } أي قدر على خلقه، وقيل: العرش الملك، أي هو القادر على ملكه يتصرف كيف يشاء { فاسأل به خبيراً } أي عليماً، قيل: الخبير هو الله، وقيل: جبريل (عليه السلام)، وقيل: لا تطلب شيئاً إلاَّ منه ولا تتوكل إلا عليه، واختلفوا في السؤال قيل: اسأل على صفته، وقيل: اسأل عن الإِسلام يخبرك أنه الحق، وقيل: سل العقلاء يخبروك أن المستحق بأن تتوكل عليه هو الحي الذي لا يموت، وقيل: سل هل أحد أعلم من الله بالأشياء { وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان }، قيل: الرحمان اسم من أسماء الله قد كّرر في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه، فقيل: فاسأل بهذا الأمم من يخبرك من أهل الكتاب حتى تعرف من ينكره، ومن ثمَّ كانوا يقولون ما نعرف الرحمان إلا الذي باليمامة يعنون مسيلمة، وقيل: أنهم عرفوا الله وتركوا السجود لأن فيه اتباع أمره، لذلك قالوا: { انسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً } في الدين { تبارك الذي جعل في السماء بروجاً } أي جلّ ثناؤه ولم يزل ولا يزال، يعني: خلق في السماء بروجاً منازل البروج الظاهرة والبروج اثني عشر: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والدلو والحوت والميزان والعقرب والقوس والجدي، قوله تعالى: { وجعل فيها سراجاً } وهي الشمس والقمر والكواكب الكبار معها { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً } يعني أحدهما يجيء خلف الآخر معتقبان في السير وفي الضياء وفي الظلام والزيادة والنقصان { لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً } لمن أراد أن يستدل على توحيد الله وأراد شكور نعمته، وقيل: أراد أن يذكر أنهما محدثان { وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هوناً } أي يمشون بالسكينة والوقار لا أشر ولا تكبر، وقيل: أصحاب عفة ووقار، وقيل: متواضعين لا يستكبرون { وإذا خاطبهم الجاهلون } بمقالات سيه صانوا أنفسهم و{ قالوا سلاماً }، قيل: سداد من القول يسلم معه دينهم، وقيل: سلام توديع لا سلام تحيَّة، وقيل: يقولون للسفهاء نسالمكم ولا نخالطكم، وعن أبي العالية: نسختها آية القتال، ولا حاجة إلى ذلك لأن الإِغضاء عن السفيه وترك المقابلة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة وأسلم للعرض { والذين يبيتون لربهم سجّداً وقياماً } يعني يصلون، قال ابن عباس: من صلَّى بالليل ركعتين أو أكثر بات لله ساجداً، وقيل: هما الركعتان بعد المغرب والركعتان بعد العشاء، والظاهر أنه وصفهم بإحياء الليل أو أكثره.