{أتتركون في ما ها هنا آمنين} يعني أتظنون أنكم تتركون في أمنة من الموت والعذاب وزوال النعمة {في جنات وعيون} {وزروع ونخلٍ طلعها هضيم}، والهضم: اللطيف الظاهر، وقيل: رطب لين، وقيل: ترى كم يركب بعضه بعضاً حتى هضم بعضه بعضاً أي كسره {وتنحتون من الجبال بيوتاً}، قيل: نحتوا من الجبال صخراً وبيوتاً بنوا بها قريباً، وقيل: نحتوا من الجبال الدور والبيوت {فارهين} قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بغير ألف ومعناه اشرين بطرين، وقيل: معجبين، وقرأ حمزة وعاصم فارهين بالألف، والفاره: الحاذق، وقيل: هما بمعنى يقال فاره وفره {فاتقوا الله} ولا تعصوه {وأطيعون} فيما أبلغكم من ربكم {ولا تطيعوا أمر المسرفين} {الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون} {قالوا إنما أنت من المسحّرين} المسحورين المخدوعين {ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية} بحجة {إن كنت من الصادقين} فيما تدعي {قال} صالح {هذه} وقد كانوا سألوه أن يخرج لهم من الجبل ناقة عشراء، فأخرجها الله تعالى حامل كما سألوا، ووضعت فصيلاً في الحال، وكان عظيم الخلق {لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} لها نصيبٌ ولكم نصيبٌ، قيل: قسَّم الماء كان لها يوماً ولهم يومٌ وكانت لا تقرب الماء يومهم {ولا تمسوها بسوء}، قيل: لا تعقر ولا تمنع من الماء والمرعى {فيأخذكم عذاب يوم عظيم} {فعقروها فأصبحوا نادمين} {فأخذهم العذاب} على عقرها، لما رأوا العذاب ندموا ولم يتوبوا، وطلبوا صالحاً ليقتلوه، فنجاه الله ومن معه من المؤمنين، ثم أخذتهم صيحة فأهلكتهم، وقيل: تابوا حين رأوا العذاب فلم ينفعهم {إن في ذلك لآية} في التوحيد ومعجزة لذلك النبي، وعبرة لمن تفكر {وما كان أكثرهم مؤمنين} {وإن ربك لهو العزيز} القادر {الرحيم} وروي أن العاقر ألجأها إلى مضيق في شعب فرماها بسهم فأصاب رجلها فسقطت ثم ضربها قذاراً، وروي أيضاً أن عاقرها قال: لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين، فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون أترضي؟ فتقول: نعم، وقد تقدم الكلام، ثم بيَّن تعالى قصة لوط فقال سبحانه: {كذبت قوم لوط المرسلين} بتكذيب لوط، وقيل: كذبوا جميع من مضى من الرسل {إذ قال لهم أخوهم لوط} في النسب لا في الدين لأن الناس كلهم بنو آدم {ألا تتقون} الله {إني لكم رسول أمين} على الرسالة {فاتقوا الله} على معاصيه {وأطيعون} فيما أدعوكم إليه {وما أسألكم عليه من أجرٍ} على أداء الرسالة من أجر {إن أجري إلا على رب العالمين} وهو الثواب في الجنة {أتأتون الذكران من العالمين} هو كناية عن الفاحشة وهو إتيان الرجال في دبرهم، وروي أنهم كانوا يأتون النساء في أدبارهن، وروي أنهم كانوا يأتون الغرباء لا بعضهم {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} يعني الفروج {بل أنتم قوم عادون} ظالمون {قالوا لئن لم تنته يا لوط} عما تقول {لتكونن من المخرجين} من الدنيا، وقيل: نخرجكم قتلاً.