خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٣٩
إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ
١٤٠
وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ
١٤١
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ
١٤٢
وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ
١٤٣
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ
١٤٤
-آل عمران

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { ولا تهنوا ولا تحزنوا } الآية نزلت يوم أُحُد تسلية من الله تعالى لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وللمؤمنين يعني لا تضعفوا عن الجهاد لما أصابكم ولا تحزنوا على من قتل منكم، وأنتم الأعلون، وحالكم أنكم أعلا منهم وأغلب لأنكم أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم يوم أُحُد، قوله تعالى: { وأنتم الأعلون } شأناً لأن قتالكم لله ولإعلاء كلمته وقتالهم للشيطان ولإعلاء كلمة الكفر، وقيل: لأن قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار، قوله تعالى: { ان يمسسكم قرح } قيل: هو الجراح والمعنى أن نالوا منكم يوم أُحد فقد نلتم منهم يوم بدر { وتلك الأيام نداولها بين الناس } تارةً لهؤلاء وتارة لهؤلاء { وليعلم الله الذين آمنوا } وليتميز الثابتون على الإِيمان من الذين آمنوا، وهذا من باب التمثيل بمعنى: فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم مَنْ الثابت منكم على الإِيمان من غير الثابت، وإلا فالله عزّ وجل لم يزل عالماً بالأشياء، وقيل: معناه وليعلمهم علماً يتعلق به الجزاء وهو أن يعلمهم موجوداً منهم الثبات { ويتخذ منكم شهداء } يعني وليكرم ناساً منكم بالشهادة يريد المستشهدين يوم أُحُد { والله لا يحب الظالمين } أي والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإِيمان المجاهدين، قوله تعالى: { وليمحص الله الذين آمنوا } التمحيص: التطهير، وقيل: الإِختبار، { ويمحق الكافرين } اي يهلكهم، قوله تعالى: { ولقد كنتم تمنون الموت } خوطب به الذين لم يشهدوا بدراً، فكانوا يتمنون أن يحضروا مشهداً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، { فقد رأيتموه وأنتم تنظرون } أي رأيتموه معاينين مشاهدين حتى قتل بين أيديكم من قتل من إخوانكم وأقاربكم وشارفتم أن تقتلوا وهذا توبيخ لهم، قوله تعالى: { وما محمد إلاَّ رسول قد خلت من قبله الرسل } الآية نزلت يوم أُحُد لما نودي أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قُتِل وصَرَخ صارخٌ ألا أن محمداً قد قُتل، قيل: أن الصارخ الشيطان نعوذ بالله منه ففشا في الناس خبر قتله فانكفَّوا وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعوا: "إليَّ عباد الله" حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه، فلامهم على هزيمتهم، فقالوا: يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمَّهاتنا أتانا خبر قتلك، فرعبت قولبنا فولينا هاربين، فنزلت الآية، وقيل: أنه لما صرَخ الصارخ قال بعض المسلمين: ليت عبد الله بن أبي يأخذ لنا أماناً من أبي سفيان، وقال ناس من المنافقين: لو كان نبيَّاً لما قُتِل، ارجعوا إلى إخوانكم وإلى دينكم فقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك يا قوم: إن كان قُتِل محمد فإن رب محمد حيٌّ لا يموت، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقاتلوا على ما قاتل عليه وموتوا على ما مات عليه، ثم قال: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء ثم شهر سيفه فقاتل حتى قُتِلرحمه الله تعالى، قوله تعالى: { فلن يضرَّ الله شيئاً } يعني فما ضر إلا نفسه وسيجزي الله الشاكرين الذين لم ينقلبوا كأنس بن النضر واضرابه، وسمَّاهم شاكرين لأنهم شكروا نعمة الإِسلام.