قوله تعالى: { ولا تحسبنَّ الذين قُتِلُوا في سبيل الله } الآية، قيل: نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر رجلاً ثمانية من الأنصار وستَّة من المهاجرين. وقيل: نزلت في شهداء أُحُد وكانوا سبعين رجلاً أربعة من المهاجرين، منهم: حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) وباقيهم من الأنصار وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "لما أصيب إخوانكم بأُحُد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر تدور في أنهار الجنَّة، وتأكل من ثمارها وتسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش فلما رأوا طيب مقيلهم ومطعمهم ومشربهم وما أعدَّ الله لهم من الكرامة قالوا: يا ليت قومنا يعلمون ما نحن فيه حتى يرغبوا في الجهاد فقال الله: أنا أبلغ عنكم إخوانكم ففرحوا واستبشروا" فنزلت، وقيل: أحياء في قبورهم، وقيل: في الجنة، وقيل: أحياء في السماء، قوله تعالى: { ويستبشرون } يعني بإخوانهم المجاهدين { الذين لم يلحقوا بهم } أي لم يقتلوا، وقيل: لم يدركوا فضلهم، وقيل: أحياء وصف لحالهم التي عليها من النعم برزق الله { فرحين بما آتاهم الله من فضله } وهو التوفيق في الشهادة وما ساق إليهم من الكرامة والتفضل على غيرهم من كونهم أحياء مقربين، قوله تعالى: { الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرحُ } الآية نزلت يوم أُحُد روي أن أبا سفيان وأصحابه لما انصرفوا من أُحُد فبلغوا الروحاء وهمّوا بالرجوع فبلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فرجع هو وأصحابه وقالوا: لا يخرجن معنا إلا من حضر يومنا بالأمس، وكان بأصحابه القروح، فتحاملوا على أنفسهم حتى لا يفوتهم الأجر وألقى الله في قلب أبي سفيان وأصحابه الرعب فنزلت الآية، قوله تعالى: { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جَمَعُوا لكم فاخْشَوهُمْ } الآية نزلت في أبي سفيان روي أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أُحُد يا محمد موعدنا موسم بدر للقتال إن شئت، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن شاء الله" فلما كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مر الظهران فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له وخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سبعين راكباً يقولون { حسبنا الله ونعم الوكيل } وقيل: هي الكلمة التي قالها ابراهيم (عليه السلام) حين ألقي في النار حتى وافوا بدراً وأقاموا بها ثمان ليال وكان معهم تجارات فباعوها وأصابوا خيراً ثم انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين من بدر الصغرى، وقيل: الناس الأول نُعيم بن مسعود الأشجعي، والناس الثاني أبو سفيان قيل: لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حمراء الأسد كما تقدم مرّ به سعد الخزاعي وهو يومئذٍ مشرك وكانت خزاعة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مسلمهم وكافرهم فقال: يا محمد لقد عزَّ علينا ما أصابك في أصحابك ثم خرج حتى لقي أبا سفيان ومن معه الروحاء، وقد أجمعوا على الرجعة فقال: يا معبد ما وراءك؟ قال: أن محمَّداً خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أرَ مثله يتحرقون عليكم تحرّق قد اجتمع إليه كل من تخلّف عنه يومكم وندموا على ما صنعوا قال: ويلك ما تقول؟ قال: والله ما أراك ترحل حتى ترى نواصي الخيل فقال: انَّا اجتمعنا الكرة لنستأصلهم، قال: فإني أنهاك عن هذا، ففرَّ أبو سفيان ومن معه فمرَّ به ركب من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: المدينة، قال. هل تبلغون محمداً رسالة حتى أحمل إبلكم هذه زبيباً بعكاظ، قالوا: نعم، قال: فإن جئتموه فأخبروه أنا قد اجتمعنا اليوم لنستأصل بقيَّتهم، فمرَّ الركب برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم بحمراء الأسد فأخبروه بقول أبي سفيان فقالوا: { حسبنا الله ونعم الوكيل } عن ابن عباس وابن اسحاق، وقيل: أن أبا سفيان لما خرج من مكة لموعد بدر الصغرى وبدا لهُ فلقي نعيم بن مسعود وقد قدم معتمراً فقال له: إني خرجت لموعد محمدٍ وقد بدا لي فالحق بالمدينة وأعلمهم أني في جمع كثير، وضمنوا جعلاً فخرج إلى المدينة والناس يتأهبون لميعاد أبي سفيان فأخبرهم بما أعدَّ أبو سفيان فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.