خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ
٤٠
قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ
٤١
وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ
٤٢
يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسْجُدِي وَٱرْكَعِي مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ
٤٣
-آل عمران

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { وقد بلغني الكِبَر } وقد كان له تسع وتسعون سنة ولامرأته ثماني وتسعون سنة { قال آيتك أن لا تكلم } لا تقدر على كلام { الناس ثلاثة أيام } وإنما خص كلام الناس ليعلمه أنه يحبس لسانه عن القدرة على تكليمهم خاصَّةً مع إبقاء قدرته على الثناء بالذكر لله تعالى { إلا رمزاً } يعني إلا إشارة بيدك أو غيرها { وسبِّح بالعشي } من حين تزول الشمس إلى حين تغيب { والإِبكار } من حين طلوع الفجر إلى وقت الضحى.
قال في تفسير الهادي: يحيى بن الحسين (عليه السلام) وسألت عن يحيى (عليه السلام) والخبر الذي بلغ عنه هو أن اليهود لعنهم الله تعالى لما أن طلبوه دخل الشجرة فلحقوه فنشروه بالمنشار وأما الذي نوثق به ونصححه فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا وصل إلى الأكانع يدعوهم إلى الله تعالى كان فيهم ملك جبار عنيد، فلما كان ذات يوم وهو يدعو الخلق إلى الله تعالى ويحضهم على طاعته ويقيم عليهم حجج ربه، إذ جاءت إليه امرأة على فرس ذات جمال وهيئة، قاصدة إلى الملك فقيل ليحيى (عليه السلام): إن هذه المرأة يفسق بها هذا الظالم وهي تختلف إليه كذلك فوثب إليها (عليه السلام) ورماها بالحصى وقال: يا عدوة الله تجاهرين بمعصية الله ووعظها مع كلام طرحه (عليه السلام) لها، فلما دخلت على الملك دخلت غضبانة فسألها عن خبرها فأخبرته بما فعل يحيى بن زكريا (عليه السلام) وامتنعت من الوقوف عنده والانبساط إليه حتى يقتل لها يحيى (عليه السلام)، فأرسل الطغاة له فنشروه بالمنشار طلباً لرضى الفاجرة لما كان من فعله بها، فلم يمنع الطغاة عنه أحد من أهل ذلك الدهر منه، ولم ينكر فعله عليه، فأقام دمُّه يعلو على الأرض جهراً، فلما أن قال بخت نصر وظهر على البلد قال: ما بال هذا الدم يعلوُ؟ فقيل له: إنه على ما تعاين دهراً وحيناً طويلاً وأعلموه بالسبب، فقال: إن لهذا الدم لأمراً وشأناً فلأقتلن جميع أهل البلد فأقبل يقتلهم على الدم والدم يطفح على دمائهم ويعلو حتى قتل مائة ألف إلا واحداً والدم يعلو على حاله يعلُو على الدماء، فقال: اطلبوا فقيل له: لم يبق من القوم أحد، فأمر بالطلب فلم يزالوا يطلبوا حتى وجدوا رجلاً متحيزاً في غارٍ فضربوا عنقه على الدم، فلما أن قتل سكن الدم عند كمال مائة ألف، هذا ما كان من خبره (عليه السلام) رواه في تفسير الهادي (عليه السلام).
{ اصطفاك } أولاً حين تقبلك من أمك وربك { وطهرك } مما قذفك به اليهود { واصطفاك } آخراً { على نساء العالمين } بأن وهب لك عيسى من غير أب ولم يكن ذلك لأحد من نساء العالمين، قوله تعالى: { يا مريم اقنتي لربك واسجدي } أمرت بذلك لكونها من هيئة الصلاة وأركانها، ثم قيل لها: { واركعي مع الراكعين } يعني ولتكن صلاتك مع المصلّين في الجماعات ويحتمل أن يكون في زمانها من لا يركع فأمرت بالركوع مع الراكعين، ذلك إشارة إلى ما سبق من نبأ زكريا ويحيى ومريم وعيسى { أقلامهم } أي أزلامهم وهي قداحهم التي طرحوها في النهر مقترعين، وقيل: هي الأقلام التي كتبوا بها التوراة اختاروها للقرعة تبركاً بها، قوله تعالى: { يختصمون } في شأنها تنافساً في التكفيل بها.