{ فإذا مسّ الانسان ضر دعانا ثم إذا خوّلناه } أعطيناه { نعمة منا قال إنما أوتيته على علم } برضاه عني فلذلك أعطاني ما أولاني من النعم، وقيل: على علم من الله بأني له أهلٌ { بل هي فتنة } أي امتحان من حيث يوجب الشكر، وقيل: هذه الكلمة التي قالها، وقيل: للنعم فتنة أي عذابٌ لهم إذا أضافوها إلى أنفسهم { ولكنّ أكثرهم لا يعلمون } مواضع النعمة وما يجب فيه من الشكر، وقيل: لا يعقلون عواقب أمرهم { قد قالها الذين من قبلهم } يعني هذه الكلمة، الذين من قبلهم يعني الكفار، وقيل: أراد قارون { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } يعني لم يغني عنهم اكتسابهم شيئاً من العذاب { فأصابهم سيئات ما كسبوا } يعني جزاء ذلك { والذين ظلموا من هؤلاء } الذين كانوا في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { وما هم بمعجزين } الله، يعني لا يعجزون الله بالخروج عن قدرته، وقيل: لا يفوتون الله { أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء } أي يوسع على من يشاء من عباده { ويقدر } أي يضيق بحسب المصلحة { إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون } { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا } الآية نزلت في أهل مكة لما قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر الله له فكيف ولم يهاجروا وقد عبدنا الأوثان وقتلنا النفس التي حرم الله فنزلت، وقيل: نزلت في وحشي قاتل حمزة (رضي الله عنه)، "وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أحب أن لي في الدنيا وما فيها بهذه الآية، فقال رجل: يا رسول الله ومن أشرك؟ فسكت ساعة ثم قال: ألا ومن أشرك ثلاث مرات" ، وقيل: في قراءة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفاطمة (رضي الله عنها) اغفر الذنوب جميعاً ولا أبالي { انه هو الغفور الرحيم }، وفي قراءة ابن عباس وابن مسعود: يغفر الذنوب جميعاً، لمن يشاء من تاب لأن مشيئة الله تابعة لحكمته وعدله، ومعنى اسرفوا جاوزوا الحد في العصيان { لا تقنطوا من رحمة الله } أي لا تيأسوا من رحمته { إن الله يغفر الذنوب جميعاً } بشرط التوبة { إنه هو الغفور الرحيم } { وأنيبوا إلى ربكم } أي ارجعوا إليه بالطاعة { وأسلموا له } وأخلصوا له العمل وانقادوا في جميع ما آتاكم { من قبل أن يأتيكم العذاب }، قيل: عذاب الاستئصال، وقيل: في وقت النزع { ثم لا تنصرون } أي لا ينصركم { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } مثل قوله: { الذين يتبعون القول فيتبعون أحسنه }، وقيل: اتبعوا القرآن فإنه أحسن شيء أنزل، وقيل: الأحسن الناسخ دون المنسوخ، وقيل: الأحسن أن يفعل ما أمر الله به وينهى عمَّا نهى الله عنه { من قبل أن يأتيكم العذاب }، قيل: وقت النزع { بغتة وأنتم لا تشعرون } أي يفاجئكم وأنتم غافلون.