خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً
٥١
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً
٥٢
أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً
٥٣
أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً
٥٤
فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
٥٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً
٥٦
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً
٥٧
إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً
٥٨
-النساء

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { ألم ترَ إلى الذين أُوتُوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجِبتِ } الآية نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه وذلك أنه خرج إلى مكة في سبعين راكباً من اليهود يحالفون قريشاً على محاربة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقضوا عهده ونزلوا على أبي سفيان فقال لهم أهل مكة: أنتم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب ولا نأمن أن يكون هذا منكم سكراً فإن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لهذين الصنمين ففعلوا، فهذا إيمانهم بالجِبتِ { والطاغوت } لأنهم سجدوا للأصنام، والطاغوت: الشيطان، قال كعب: أنتم منَّا ونحن منكم وتعاقدوا على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال أبو سفيان لكعب: إنك لتقرأ الكتاب فبيّن لنا أَنَحْنُ أهدى سبيلاً أم محمد؟ قال كعب: ماذا يقول محمد؟ قالوا: يأمر بعبادة الله وحده وينهى عن الشرك، قال: وما دينكم؟ قالوا: نحن ولاة البيت نسقي الحاج ونقري الضيف ونفك العاني وذكروا أفعالهم، فقال: أنتم أهدى سبيلاً، وعن ابن عباس (رضي الله عنه): الجبت حيي بن أخطب، والطاغوت كعب بن الأشرف، وقيل: الجِبتِ الأصنام وهو الظاهر والطاغوت الشيطان لعنه الله تعالى، وصف اليهود بالبخل والحسد وهما شر خصلتين، قوله تعالى: { أم لهم نصيبٌ من المُلْكِ فإذا لا يُؤْتون الناس نقيراً } أحداً مقدَّراً نقير: لفرط بخلهم، والنقير: النقرة في ظهر نواة التمر وهو مثل في القلة، كالفتيل والقطمير، والمراد بالمُلْكِ أما ملك أهل الدُّنيا وإما ملك الله تعالى كقوله تعالى: { { قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذاً لأمسكتم خشية الإِنفاق } [الإسراء: 100] قوله تعالى: { أم يحسدون الناس } يعني يحسدون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين على ما آتاهم من النصرة والغلبة، قوله تعالى: { فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة } الذين هم أسلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه ليس ببدع أن يؤتيه الله مثل ما أُوتي أسلافه، وعن ابن عباس: الملك في آل إبراهيم ملك يوسف وداوود وسليمان، قوله تعالى: { فمنهم } فمن اليهود { من آمن به ومنهم من } أنكر نبوَّته، أو من آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ومنهم من كفر، قوله تعالى: { بدَّلناهُم جلوداً غيرها } بدلناهم إياها، قال جار الله، فإن قلت: كيف يعذب بالجلود العاصية جلوداً لم تعص؟ قلت: العذاب للجملة الحساب لله وهي التي عصت لا للجلد، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "تبدل جلودهم كل يوم سبع مرات" ، وعن الحسن (رضي الله عنه): كل يوم سبعين مرة يبدلون جلوداً بيضاً كالقراطيس، قوله تعالى: { ليذوقوا العذاب } أي ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع { وندخلهم ظلاً ظليلاً } يريد ظل الجنة، قوله تعالى: { إن الله يأمركم أن تُؤدُّوا الأمانات إلى أهلها } الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة، وقيل: نزلت في عثمان بن طلحة بن عبد الدار وكان سادن الكعبة وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين دخل مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح فأبى أن يدفع المفتاح إليه وقال: لو علمتُ أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ المفتاح منه وفتح ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكعبة وصلَّى ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت الآية فأمر علياً (عليه السلام) أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعليّ: أكرهت وأذيت ثم جئت تترفق، فقال: "لقد أنزل الله في شأنك قرآناً" وقرأ عليه الآية، فقال عثمان: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فهبط جبريل (عليه السلام) وأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن السدانة في أولاد عثمان أبداً، وقيل: هو خطاب للولاة بأداء الأمانات والحكم بالعدل، قوله تعالى: { إن الله نعمّا يعظكم به } قال جار الله: قيل: نعم شيء يعظكم به أو نعم الشيء الذي يعظكم به، والمخصوص بالمدح محذوف أي نعماً يعظكم به ذلك وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم.