خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً
٦٤
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً
٦٥
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً
٦٦
وَإِذاً لأَتَيْنَٰهُم مِّن لَّدُنَّـآ أَجْراً عَظِيماً
٦٧
وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٦٨
-النساء

تفسير الأعقم

{ وما أرسلنا من رسول } قط { إلا ليطاع بإذن الله } سبب إذن الله في طاعته وبأنه أمراً للمبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك } قيل: "إن قوماً من المنافقين ائتمروا على مكيدة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جبريل فأخبره فقال: ان قوماً دخلوا يريدون أمراً لا ينالوه فليقوموا فليستغفروا الله حتى نستغفر لهم فلم يقوموا فقال: ألا تقومون؟ فلم يفعلوا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): قم يا فلان حتى عد اثني عشر رجلاً فقاموا وقال: إخرجوا عنِّي" قال جار الله: { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم } بالتحاكم إلى الطاغوت { جاؤوك } تائبين من النفاق { فاستغفروا الله } من ذلك بالاخلاص وبالغوا في الاعتذار إليك من إيذائك برد قضائك حتى انتصبت شفيعاً لهم إلى الله ومستغفراً { لوجدوا الله توَّاباً } أي فتاب عليهم { فلا وربك } معناه فوربك كقوله: فوربك لنسألنهم ولا مزيد للتأكيد معناه القَسَم، وقيل: معناه فلا وربك أي خالقك ورازقك يا محمد وهي قسَم { لا يؤمنون } أي لا يكونوا مؤمنين بنبوَّتك { حتى يحكموك } يجعلوك حكماً أي يقرون أن الحكم إليك { فيما شجر بينهم } فيما اختلط من أمورهم وفيما اختلفوا فيه من المنازعات، والآية نزلت في اليهودي والمنافق الذين قالوا: يحتكمون إلى الطاغوت { ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً } إذا حكمت بينهم لا يجدون في قلوبهم ضيقاً، وقيل: شكَّاً { ويسلموا تسليماً } وينقادون يذعنون لما تأتي به من قضائك لا يعارضونه بشيء، قال جار الله: سلم لأمر الله وأسلم له حقيقةً سلم نفسه له وأسلمها إذا جعلها سالمة له خالِصَةً وتسليماً تأكيداً للفعل بمنزلة تكرير كأنه قيل: تنقادون لحكمه انقياداً لا شبهة فيه بظاهرهم وباطنهم، وقيل: نزلت في شأن المنافق واليهودي، وقيل: "في شأن الزبير وحاطب بن أبي بلتعة حين اختصما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سراح من الحرة كانا يسقيان به النخل فقال: إسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك فغضب خاطب وقال: لئن كان ابن عمتك فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قال: اسق يا زبير ثم احبس حتى يبلغ الجدار واستوف حقك ثم أرسله إلى جارك كان على الزبير برأي فيه السعة ولخصمه فلما احفظ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استوعب الزبير حقه في صريح الحكم ثم خرجا إلى المقداد فقال قائل: إن هؤلاء يشهدون به رسول الله ثم يتهمونه في قضاء يقضي بينهم" { ولو أنَّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم } أي لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بني إسرائيل من قتل أنفسهم أو خروجهم من ديارهم حتى استتيبوا من عبادة العجل ما فعلوه { إلا } ناس { قليل منهم } وهذا توبيخ عظيم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به من اتِّباع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبحكمه وطاعته والانقياد لما يراه { لكان خيراً } في عاجلهم وآجلهم { وأشد تثبيتاً } لإِيمانهم { وإذاً } جواز السؤال مقدر كأنه قيل: وماذا يكون لهم بعد التثبت، فقيل: { وإذاً لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً ولهديناهم } وللطفنا بهم ووفقناهم.