خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ
٥١
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٢
صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ
٥٣
-الشورى

تفسير الأعقم

{ وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحياً } وما صح لأحد أن يكلمه الله إلا على أحد ثلاثة أوجه: إما على طريق الوحي وهي الإِلهام والقذف في القلب، أو المنام كما أوحى إلى موسى وإبراهيم (عليهم السلام) في ذبح ولده، وعن مجاهد: أوحى الله إلى داوود الزبور في صدره، واما أن يسمعه كلامه الذي يخلقه في بعض الأجرام غير أن يبصره السامع من يكلمه { أو من وراء حجاب } فيسمع صوته ولا يرى شخصه وذلك كما كلم موسى وكلم الملائكة، وأما على أن { يرسل رسولاً } من الملائكة { فيوحي } إليه كما كلم الأنبياء غير موسى والله تعالى لا يجوز عليه الحجاب ولا يكون كلامه كلام من يرى ومن يدرك، وقيل: يحجب ذلك الكلام عن جميع خلقه إلا ممن يريد أن يكلمه به نحو كلامه لموسى في المرة الأولى خلاف كلامه له في المرة الثانية لأنه سمع ذلك معه السميعون عن أبي علي، وقيل: حجاب لمحل الكلام، وقيل: بمنزلة ما يسمع من وراء الحجاب { أو يرسل رسولاً } من الملك ما يأتي به النبي فيسمعه منه فيؤديه إلى الخلق { بإذنه }، قيل: بأمره { ما يشاء } يعني يوحي كما يشاء أنه عليٌّ عن صفات المخلوقين { حكيم } يجري أفعاله على موجب الحكمة فكلم تارة بواسطة وأخرى بغير واسطة وإما الهاماً وإما خطاباً { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا } يريد ما أوحى اليه لأن الخلق يحيون له في دينهم كما يحيى بالروح { ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } يا محمد، ما الكتاب قيل: ما كنت تعلم أن الكتاب يأتيك وما كنت تعلم بالإيمان بالكتاب فعدَّ نعمة عليه، وقيل: أراد بالإِيمان الصلاة كقوله: { { ما كان الله ليضيع إيمانكم } [البقرة: 143] { ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا } يعني جعلنا القرآن نوراً لأن فيه معالم الدين، وقيل: جعلنا الايمان عن ابن عباس، لأنه طريق النجاة نوراً، يعني الكتاب والايمان نوراً توسعاً، وقوله: { نهدي به من نشاء من عبادنا }، قيل: نرشد إلى الجنة { وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم } هو القرآن، وقيل: الاسلام { صراط الله }، قيل: دين الله، وقيل: طريق الجنة { الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور } إلى حكمه فيقدر فيها ما يشاء.