خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ
٣٧
وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ
٣٨
مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٩
إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ
٤٠
يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٤١
إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٤٢
إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ
٤٣
طَعَامُ ٱلأَثِيمِ
٤٤
كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ
٤٥
كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ
٤٦
خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ
٤٧
ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ
٤٨
ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ
٤٩
إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ
٥٠
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ
٥١
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
٥٢
يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ
٥٣
كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
٥٤
يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ
٥٥
لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ
٥٦
فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٥٧
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٥٨
فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ
٥٩
-الدخان

تفسير الأعقم

{ أهم خير } يعني مشركو مكة خير أعز وأمنع وأكثر مالاً وعدداً { أم قوم تُبّع } الحميري كان مؤمناً وقومه كافرون، ولذلك ذم الله قومه ولم يذمه، وهو الذي سار بالجيوش أو خير الخيرة وبنى سمرقند، وقيل: هدمها، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تسبوا تبعاً فإنه كان قد أسلم" وعنه: "ما أدري كان تبعاً نبياً أو غير نبي" ، وهو الذي كسى البيت، وقيل: لملوك اليمن التبابعة لأنهم يتبعون، وإنما ذكر تبعاً لأنهم عرفوا أخباره لانتشاره وقرب زمانه ومكانه منهم، وكان في مكة والمدينة والطائف، وأجرى أنهاراً، وأبر ناراً، وفتح بلاداً { والذين من قبلهم } من الأمم الماضية { أهلكناهم } لما كفروا { إنهم كانوا } قوماً { مجرمين } مذنبين { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين } غائبين، يعني لم يكن الجزاء مع التخلية في الدنيا لكان ذلك عبثاً { ما خلقناهما إلاَّ بالحق } قيل: إلا بغرض صحيح وهو أن يُطيعوه فيستحقوا الثواب، وقيل: إلا لداعي الحكمة { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أن الغرض الذي لأجله خلقنا الانسان { إن يوم الفصل } يوم القيامة وفيه يفصل بين الخلق أمورهم { ميقاتهم أجمعين } يعني وقتهم الذي أمهلهم إليه { يوم لا يغني مولى عن مولىً شيئاً } أي لا يدفع صديق عن صديق، ولا ابن عم عن ابن عم، ولا ولي عن وليه من العذاب الذي نزل به { ولا هم ينصرون } أي ولا ينصرهم أحد { إلا من رحم الله } من المؤمنين، أي أنعم عليهم فإنه يشفع، وقيل: لا يشفع أحدٌ إلا من رحم الله وأذن له بالشفاعة { إنه هو العزيز } القادر الذي لا يمتنع عليه شيء { الرحيم } بعباده، قيل: نزل قوله: { إن شجرة الزقوم } { طعام الأثيم } في أبي جهل وكان يقول: ما بين لابتيها أعز وأكرم مني، فيقال له يوم القيامة توبيخاً: ذق إنك أنت العزيز الكريم كما زعمت، وروي أن أبا جهل دعا بتمر وزبد وقال: زقموا فإن هذا الذي يخوفكم به محمد { إن شجرة الزقوم } { طعام الأثيم } وهو الفاجر، وهي شجرة تأخذهم بحلوقهم وتحرق أجوافهم { كالمهل } وهو ما أذيب بالنار { يغلي في البطون } { كغلي الحميم } الماء الحار { خذوه }، يقال: { خذوه فاعتلوه } بشره وعنف وجروه إلى { الجحيم }، وقيل: ادفعوه { إلى سواء الجحيم } أي وسط النار { ثم صبّوا فوق رأسه من عذاب الحميم } الماء الحار يقال له حميم { ذق إنك أنت العزيز الكريم } الذي دعيت بالعزة والكرم، وقيل: العزيز في قومك الكريم فيهم، وقيل: هو على النقيض كأنه قال: أنت الذليل المهين، إلا أنه قيل: ذلك على وجه الاستخفاف به { إن هذا ما كنتم به تمترون } أي يقال لهم: إن هذا ما كنتم به تشكون، ثم عطف الوعيد بذكر ما أعدّ للمتقين فقال سبحانه وتعالى: { إن المتقين } الذي اتقوا معاصي الله { في مقام } في موضع إقامة { أمين } قيل: أمنوا العذاب وأمنوا زوال النعمة { في جناتٍ } بساتين فيها أشجار { وعيون } أنهار جارية { يلبسون من سندس واستبرق } نوعان من الحرير، وقيل: السندس الحرير والاستبرق الديباج الغليظ { متقابلين } أي يقابل بعضهم بعضاً { كذلك } قيل: كذلك فعلنا بهم، وقيل: كذلك على تلك الحالة { وزوجناهم بحور عينٍ } وهي النساء النقيات البياض، وقيل: الحور البيض والعين واسعة العين، وقيل: يحتار فيهن الطرف لبياضهن { يدعون فيها بكل فاكهة } اسهرا لها { آمنين } من نفادها، وقيل: آمنين من الموت { لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى } إلا بمعنى سوى، وقيل: بمعنى لكن الموتة الأولى وإنما استثنى لأنهم به أخبر بذلك في الدنيا فيصح الاستثناء فيه عن القاضي { ووقاهم عذاب الجحيم } { فضلاً من ربك ذلك هو الفوز العظيم } الظفر العظيم، ومتى قيل: إذا كان مستحقاً فكيف يكون فضلاً؟ قالوا: سبب الاستحقاق هو التكليف والتمكين وهو تفضل منه، وقيل: لأنه خلق وأنعم فاستحق أن يعبد ويشكر وإذا جازى على الفعل كان فضلاً، وقيل: لأنه أعطى المستحق وزاد، أعطى على القليل كثيراً { فإنما يسّرناه بلسانك } أي مهلناه، وقيل: جعلناه بالعربية ليسهل عليك { لعلَّهم يتذكرون } ما فيه من الأمر والنهي والوعد والوعيد { فارتقب إنهم مرتقبون } أي ارتقب للمجازاة وإنهم مرتقبون، وقيل: انتظر بهم عذاب الله فإنهم ينتظرون بك الدوائر.