خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٦٩
لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ
٧٠
وَحَسِبُوۤاْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
٧١
لَقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ ٱلْمَسِيحُ يَابَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ
٧٢
لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٧٣
أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٧٤
مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ ٱنْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ
٧٥
-المائدة

تفسير الأعقم

قوله تعالى: { إن الذين آمنوا } يعني صدقوا واستقاموا على الدين، وقيل: المراد به الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم وهم المنافقون، وقيل: من آمن أي داوم على الايمان والاخلاص { والذين هادوا } اليهود { والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون } { لقد أخذنا ميثاق بني اسرائيل } بالتوحيد { وأرسلنا إليهم رسلاً كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم } بما يخالف أهواءهم { فريقاً كذبوا وفريقاً يقتلون وحسبوا الاَّ تكون فتنة } يعني حسب بنو إسرائيل أنهم لا يصيبهم من الله فتنة أي بلاء وعذاب في الدنيا والآخرة { فعموا } عن الدين { وصموا } حين عبدوا العجل ثم تابوا عن ذلك فتاب الله عليهم { ثم عموا وصموا } مرة ثانية بطلبهم المحال في صفات الله سبحانه وهو الرؤية، قوله تعالى: { لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني اسرائيل اعبدوا الله } الآية وهذا احتجاج على النصارى أنه من يشرك بالله في عبادته وفيما هو مختص به من صفاته ومن أفعاله فقد حرم الله عليه الجنة التي هي دار الموحدين أي حرمه دخلوها ومنعه منها كالمنع من المحرم عليه { ومأواه النار } أي مصيره { وما للظالمين من أنصار } من معين ينجيهم من عذاب الله تعالى، قال جار الله: هذا من كلام الله تعالى على أنهم ظلموا أنفسهم وعدلوا عن سبيل الحق فيما يقولون على عيسى (عليه السلام)، فلذلك لم يساعدهم عليه وإن كانوا معظمين له بذلك ورافعين، أو من قول عيسى (عليه السلام) على معنى ولا ينصركم أحد فيما تقولون عليَّ ولا يساعدكم عليه لاستحالته وبعده عن المعقول أو ولا ينصركم ناصر في الآخرة من عذاب الله تعالى { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } أي أحد ثلاثة قيل: هؤلاء صنف آخر، وقيل: هو جمهوراً لفرق الملائكة والنسطورية واليعقوبية لأنهم يقولون ثلاثة أقانيم جوهر واحد أب وابن وروح القدس إله واحد ولا يقولون ثلاثة آلهة وهو معنى قولهم، قال جار الله في معنى قوله: { وما من إله إلا إله واحد } للاستغراق المقدرة وهي المقدرة مع لا التي لنفي الجنس في قوله: { { لا إله إلا هو } [البقرة: 163] أي لا إله في الوجود قط إلا الله موصوف بالوحدانية لا ثاني له وهو الله وحده لا شريك له { وإن لم ينتهوا } يمتنعوا ويكفوا { عمَّا يقولون } من المذاهب الفاسدة { ليمسّن الذين كفروا منهم عذاب أليم }، قيل: في الدنيا، وقيل: في الآخرة { أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه } عن هذه الشهادة المقررة عليهم بالكفر وهذا الوعيد الشديد، ويرجعون عما يقولون ويطلبون المغفرة منه بالتوبة { والله غفور رحيم } ولما تقدم ذكر مقالة النصارى عقبه بالاحتجاج عليهم والرد فقال سبحانه: { ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل } أي مضت من قبله الرسل، يعني لم يكن المسيح وإن آتاكم بالأعاجيب من الآيات والمعجزات إلا كسائر الأنبياء قبله فكما أنهم لم يكونوا آلهة كذلك عيسى (عليه السلام) أحيى الميت وأبرأ الأكمه والأبرص، وموسى ألقى العصا فصارت حية وفلق البحر وإن خلقه من غير ذكر فقد خلق آدم من غير ذكر وأنثى، وإبراهيم ألقي في النار فلم يحرق والجميع سواء في الاعجاز، قوله تعالى: { وأمه صدِّيقة } أي وما أُمُّه إلا كسائر النساء المصدقات للأنبياء فما منزلتهما إلا منزلة بشرين أحدهما أنثى والآخر صحابي فمن أي اشتبه عليكم أمرهما حتى وصفتموهما بما لو يوصف به سائر الأنبياء، وقيل: بصدق رسول الله ومنزلة ولدها ومنزلتها وما أخبرها به، قوله تعالى: { كانا يأكلان الطعام } لأن من احتاج إلى الغذاء بالطعام وما يتبعه من الهضم والنفض لم يكن إلا جسماً مركباً من عظم ولحم وعروق وعصب ودم وأخلاط وأمزجة مع شهوة وقرم وغير ذلك مما يدل على أنه مصنوع مؤلف مدبّر كغيره من الأجسام، قوله تعالى: { انظر كيف نبيّن لهم الآيات } أي الاعلام من الأدلة الظاهرة على بطلان قولهم: { ثم انظر أنَّى يؤفكون } كيف يصرفون عن استماع القول وتأمله.