خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ
٣٥
إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
٣٦
وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٧
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
٣٨
وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٣٩
قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ
٤٠
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ
٤١
وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
٤٢
فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ
٤٣
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ
٤٤
فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٥
-الأنعام

تفسير الأعقم

{ وإن كان كبر عليك إعراضهم } أي عظم وشق ذلك أنه عظم على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إعراض الخلق عن الله تعالى، ومعصيتهم له، ومخالفتهم لحكمه، فلما كبر ذلك عنده وعظم عليه أنزل الله هذه الآية، والنفق هو المحتقر في الأرض، حتى يُطلع لهم آية يؤمنون بها { أو سلماً } أي درجة ومصعداً { في السماء } يصعد فيه { فتأتيهم بآية } منها فافعل يعني انك لا تستيطع ذلك والمعنى إنما أنت عبد مأمور وأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لو استطاع أن يأتيهم بآية من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى بها رجاء لايمانهم { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى } بأن يأتيهم بآية ملجئة ولكنه لا يفعل لعلمه بالمصلحة { فلا تكونن من الجاهلين } من الذين يجهلون ذلك ويرومون ما هو خلافه قوله تعالى: { إنما يستجيب } أي يجيب، وقد يكون ذلك بالقبول { الذين يسمعون } يعني يجيب من سمع الحق سماع مسترشد طلباً للحق، فأما من لا يسمع أو يسمع منكراً أو معانداً فإنه لا يؤمن { والموتى } يعني الكفار، وقيل: الموتى { يبعثهم الله ثم إليه يرجعون } { ولكن أكثرهم لا يعلمون } ما لهم في نزولها، قوله تعالى: { وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه } على التأكيد يعني كل ذي روح إما أن تدب وإما أن يطير { إلا أمم أمثالكم } مكتوبة أرزاقها وآجالها وأعمالها كما كتبنا آجالكم وأرزاقكم وأعمالكم { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ما تركنا في اللوح المحفوظ من شيء من ذلك لم نكتبه بل كتبناه { ثم إلى ربهم يحشرون } يعني الأمم كلها من الدواب والطير فيعرضون وينصف بعضها من بعض، كما روي أنه يأخذ للجماء من القرناء، وقيل: أمثالكم في الآجال وفي الأرزاق، وقيل: في إنها تولد { والذين كذبوا بآياتنا } بمحمد والقرآن { صم } لا يسمعون الحق { وبكم } لا ينطقون { في الظلمات } يعني ظلمات الكفر فهم غافلون عن تأمل ذلك والتفكر فيه { من يشإِ الله يضلله } أي يخليه وضلالته لا يلطف به لأنه ليس من أهل اللطف { ومن يشإِ يجعله على صراط مستقيم } أي يلطف به { أغير الله تدعون } بمعنى أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضر أو تدعون الله دونها { بل إيَّاه تدعون } بل تخصونه بالدعاء دون الالهة { فيكشف ما تدعون إليه } أي ما تدعونه لكشفه { إن شاء } إن أراد أن يتفضل عليكم ولم يكن فيه مفسدة { وتنسون ما تشركون } يعني وتتركون آلهتكم ولا تذكرونها في ذلك الوقت، قوله تعالى: { فأخذناهم بالبأساء } يعني الجوع والقحط { والضراء } الأمراض، وقيل: البأساء شدة الفقر، وقيل: البأساء القتل والضراء احتياج المال، وقيل: البأساء الخوف والضراء المرض وموت الأولاد { لعلهم يتضرعون } يعني فعلنا ذلك لعلهم يتذللون لربهم ويتوبوا، قوله تعالى: { فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا } معناه نفي التضرع عنهم ولم يكن إلا لقسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم، وقيل: معناه هل لا تضرعوا إلى الله من ذنوبهم إذ جاءهم بأسنا أي نزل بهم البلاء { فلما نسوا ما ذكروا به } من البأساء والضراء أي تركوا الاتعاظ ولم ينفع فيهم ولم يزجرهم، وقيل: تركوا ما ذكروا به من الأوامر والنواهي { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } أي أبدلناهم مكان الشدة الرخاء في العيش والصحة وصنوف النعمة { حتى إذا فرحوا بما أُوتوا } من الخير { أخذناهم بغتة } أي فجأة اَمَنَ ما كانوا وأعجب ما كانت الدنيا لهم { فإذا هم مبلسون }، قيل: خرجوا من الدنيا آيسين من رحمة الله، وقيل: هالكون آيسون متحيرون، وقيل: مخذولون { فقطع دابر القوم } آخرهم لم يترك منهم أحد يعني استوصلوا وأهلكوا { والحمد لله رب العالمين } عند هلاك الظلمة، فإنه من أجل النعم حيث منعهم من زيادة الكفر والمعاصي، وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "إذا رأيت الله سبحانه وتعالى يعطي العباد ما يسألون على معاصيهم فإنما ذلك استدراج منه لهم" ، وتلا هذه الآية: { فلما نسوا ما ذكِّروا به }.