{والوزن يومئذ الحق} يعني وزن الأعمال والتمييز بين راجحها وخفيفها، واختلف في كيفية الوزن، فقيل: توزن صحائف الأعمال بميزان له لسان وكفتان ينظر إليه الخلائق، تأكيداً للحجة واظهاراً للنصفة وقطعاً للمعذرة {فمن ثقلت موازينه} قال مجاهد: حسناته {ولقد مكناكم في الأرض} مكاناً وقراراً وملكناكم فيها واقدرناكم على التصرف فيها {وجعلنا لكم فيها معايش} جمع معيشة وهي ما يعاش به من المطاعم والمشارب {قليلا ما تشكرون} على نعمه {ولقد خلقناكم} يعني خلقنا اباكم آدم {ثم صورناكم} أي صورنا اباكم {ثم قلنا} الآية، وقيل: خلقنا أباكم آدم ثم صوّرناكم في ظهره {ثم قلنا للملائكة} {اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ ابليس لم يكن من الساجدين} لآدم (عليه السلام) فقال الله تعالى لإبليس لعنه الله حين امتنع من السجود لآدم (عليه السلام): {ما منعك ألاَّ تسجد إذْ أمرتك قال أنا خير منه}، قيل: قاله على لسان بعض ملائكته، وقيل: بل قاله الله سبحانه ودل المعجز على أنَّه كلامه {قال فاهبط} أي انزل وانحدر {منها}، قيل: من السماء، وقيل: من الجنة، وقيل: من الدرجة الشريفة {قال انظرني} أي امهلني وأخرني ولا تميتني {إلى يوم يبعثون} من قبورهم وهو يوم القيامة {قال إنك من المنظرين} ومتى قيل: هل خاطبه بهذا؟ قيل: يحتمل ذلك، وقيل: أمر ملكاً يخاطبه بذلك، قال في الحاكم: ومتى قيل: هل يجوز إجابة دعاء الكافر؟ قلنا: لا لأن ذلك اكرام وتعظيم ولذلك يقال: فلان مستجاب الدعوة، وقد قيل: إن إبليس الملعون سأل الانظار إلى يوم القيامة فمنعه الله تعالى ذلك وأنظره إلى يوم الوقت المعلوم وهو وقت موته، وقيل: النفخة الأولى، قال: {فبما أغويتني}، قيل: جنبتني من رحمتك، وقيل: يجوز أن يكون هذا مذهب ابليس كما أنه مذهب المحبرة إضافة الاغواء إلى الله تعالى {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} طريقك المستوي {ثم لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} يعني من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الأغلب وهذا مثل للوسوسة وقد قيل: لآتينهم من قبل دنياهم وآخرتهم، ولم يذكر من فوقهم لأن رحمة الله تنزل عليهم من فوقهم {ولا تجد أكثرهم} أكثر بني آدم {شاكرين} لنعمتك {قال أخرج منها}، قيل: قاله على لسان بعض الملائكة، قيل: من الجنة، وقيل: من السماء، وقيل: من المنزلة الرفيعة التي كانت له {مذؤوماً}، قيل: مهاناً، وقيل: لعيناً، وقيل: مطروداً لمن تبعك أي أطاعك واقتدى بك منهم من بني آدم.