خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
١٦٥
فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ
١٦٦
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٦٧
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ ٱلصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذٰلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِٱلْحَسَنَاتِ وَٱلسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
١٦٨
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ ٱلْكِتَٰبَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَٰقُ ٱلْكِتَٰبِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
١٦٩
-الأعراف

تفسير الأعقم

{ فلما نسوا } يعني أهل القرية تركوا ما ذكرهم به الصالحون { أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس }، قيل: كان أهل القرية سبعين ألفاً فصاروا أثلاثاً: ثلث نهوا وكانوا نحو من اثني عشر ألفاً، وثلث قالوا لم تعظون قوماً الله مهلكهم الخ، وثلث هم أصحاب الخطيئة، فلما لم ينتهوا قال المسلمون: انَّا لا نساكنكم، فقسموا القرية بجدار للمسلمين باب وللمعتدين باب، فلعنهم داوود (عليه السلام) فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحدٌ، فقالوا: ان للناس شأناً، فعلوا الجدار فنظروا فإذا هم قردة، ففتحوا الباب فدخلوا عليهم فعرفت القردة أنسابها من الإِنس، والإِنس لم يعرفون أنسابهم من القردة، وجعل القرد يأتي نسبه فيشم ثيابه ويبكي فيقول له: ألم أنهك؟ فيقول برأسه: بلى، وقيل: صارت الشباب قردة والشيوخ خنازير { فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين } أي صاغرين، وقيل: الخاسئ الذي لا يتكلم، وقيل: مطرودين مبعدين، قيل: مكثوا ثلاثة أيام ينظر إليهم الناس ثم هلكوا، وقيل: عاشوا سبعة أيام ثم ماتوا، وقيل: عاشوا وتوالدوا عن الحسن والصحيح الأول، قوله تعالى: { وإذ تأذن ربك }، قيل: اعلم، وقيل: أمر { ليبعثن } والمعنى وإذ حتَّم ربك وكتب على نفسه { ليبعثن عليهم } أي على اليهود { من يسومهم سوء العذاب } وكانوا يؤدون الجزية الى المجوس إلى أن بعث الله محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) فضربها عليهم فهي لا تزال مضروبة عليهم إلى آخر الدهر، والآية تدل على أنهم لا يكون لهم دولة ولا عز { وقطعناهم في الأرض } يعني بني إسرائيل فرقناهم فشتت أمرهم وذهب عزّهم عقوبة لهم { منهم الصالحون } الذين آمنوا بالمدينة والذين وراء الصين { ومنهم } ناس { دون ذلك } الوصف وهم الكفرة والفسقة { وبلوناهم بالحسنات والسيئات } النعم والنقم { لعلهم يرجعون } فينتهون ويتسننون لهم { فخلف من بعدهم خلف } وهم الذين كانوا في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { ورثوا الكتاب } وهو التوراة يقفون على ما فيها من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم وهم لا يعملون بها { يأخذون عرض هذا الأدنى } أي حطام هذا الشيء الأدنى، والمراد الدنيا وما يمتع به منها، يريد بما كانوا يأخذونه من الرشا في الأحكام وعلى تحريف الكلام للتسهيل على العامة { ويقولون سيغفر لنا } لا يؤاخذنا الله بما أخذنا، وروي أنهم قالوا ما عملناه بالليل كفر عنا بالنهار، وما عملناه بالنهار كفر عنَّا بالليل تمنياً على الله الأباطيل { وأن يأتهم عرض مثله يأخذوه }، قيل: وان عرض لهم ذنب آخر عملوا به، وقال مجاهد: ما أشرف لهم في اليوم من شيء من الدنيا من حلال أو حرام أخذوه، وقيل: معناه وان يأت يهود يثرب الذين كانوا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غرض مثله يأخذوه { ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب } يعني قوله في التوراة: من ارتكب ذنباً عظيماً فإنه لا يغفر له إلاَّ بالتوبة { ودرسوا ما فيه } يعني ما في الكتاب من اشتراط التوبة في غفران الذنوب، والذي عليه المحبرة هو مذهب اليهود بعينه.