قوله تعالى: { إن الذين اتقوا } الكفر والكبائر { إذا مسهم } إذا أصابهم { طائف } قيل: وسوسة، وقيل: غضب { تذكروا } في الوعد والوعيد، وقيل: تذكروا الله تعالى فتركوا الذنب { فإذا هم مبصرون } ما عليهم من الخطيئة والعصيان، وما لهم من الثواب والرضوان { وإخوانهم } يعني إخوان الشياطين في الضلال { يمدونهم } الشياطين، وقيل: إخوان الشياطين المشركين، وإنما سماهم إخواناً لقبولهم منهم { ثم لا يقصرون } أي يكفون عن أغوائهم، وقيل: لا يمسكون، ومعنى: { لولا اجتبيتها } هلا اجتمعتها افتعالاً من عند نفسك، لأنهم كانوا يقولون: { ما هذا إلا إفك مفترى } يعني القرآن { بصائر } حجج وبراهين { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا } ظاهرة وجوب الاستماع والانصات وقت تلاوة القرآن وفي صلاة وغير صلاة، وقيل: كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت ثم صار سنة في غير الصلاة أن ينصت القوم إذا كانوا في مجلس يقرأ فيه القرآن، وقيل: معناه استمعوا له اعملوا بما فيه ولا تجاوزوه { واذكر ربك في نفسك } هو عام في الاذكار من قراءة القرآن وغيرها من الدعاء والتسبيح والتهليل وغير ذلك، وقيل: هو أمر بالصلاة، وقيل: بالقراءة في الصلاة { تضرعاً } تخشعاً وتذللاً، وقيل: المراد به الصلوات المكتوبات { وخيفة } خفا خوفاً من عقابه { ودون الجهر من القول } ومتكلماً كلاماً دون الجهر لأن الإِخفاء أدخل في الإِخلاص { بالغدوّ والآصال }، قيل: أراد دوام الذكر ومعنى بالغدو وقت أول النهار، والآصال العشي { ولا تكن من الغافلين } الذين يغفلون عن ذكر الله تعالى: { إن الذين عند ربك } هم الملائكة (صلوات الله عليهم) قال الحاكم: والآية تدل على أن الملائكة أفضل من بني آدم { ويسبِّحونه } ينزهونه عما لا يليق عليه { وله يسجدون }، قيل: يخضعون، وقيل: يهلون.
فصل
لا خلاف أن في آخر الأعراف سجدة، قال أبو حنيفة: كل موضع للسجود في آخر السورة أو قريباً منه فهو بالخيار إن شاء ركع وإن شاء سجد ورفع رأسه قام وقرأ القرآن ثم ركع، واختلفوا في حكمها فقال أبو حنيفة: سجدة التلاوة واجبة، شرط فيها من الطهارة والقبلة وغيرها ما يشرط في الصلاة، وقال الشافعي: سنة مؤكدة، قال أبو حنيفة: يكبر ويسجد ويكبر ويرفع رأسه مكبر ولا سلام، وقال الشافعي: فيه سلام.