خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٧٣
وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ
٧٤
قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
٧٥
قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
٧٦
فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٧٧
فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٧٨
فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّٰصِحِينَ
٧٩
-الأعراف

تفسير الأعقم

{ وإلى ثمود } أي وأرسلنا إلى ثمود، قال في الثعلبي: هو ثمود بن عامر بن أرم بن سام بن نوح { أخاهم صالحاً } وهو صالح بن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود { قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بيِّنة من ربكم } حجة ودلالة من ربكم على صدقي، قال جار الله: إنما سميت ثمود لقلة مائها من الثمد وهو الماء القليل، وكانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام، وروي أن عاداً لما أهلكت عمرت ثمود بلادهم وخلفوهم في الأرض، فكثروا وعمروا أعماراً طوالاً حتى إن الرجل منهم كان يبني المنزل المحكم فينهدم في حياته، فنحتوا البيوت من الجبال، وكانوا في سعة ورخاء من العيش فعتوا على الله تعالى وأفسدوا في الأرض، وعبدوا الأوثان، فبعث الله إليهم صالحاً (عليه السلام) وكانوا قوماً عرباً، وصالح من أوسطهم نسباً فدعاهم الى الله تعالى فلم يتبعوه إلاَّ قليلاً منهم مستضعفون، فحذرهم وأنذرهم، ولما ألحّ عليهم صالح بالدعاء والتبليغ وأكثر لهم التخويف سألوا آية فقال لهم: أي آية تريدون؟ فقالوا: أتخرج معنا إلى يوم عيدنا في يوم معلوم لهم من السنة فتدعو إلهك وندعو آلهتنا فإن استجيب لك اتبعناك وإن استجيب لنا اتبعتنا، فقال صالح: نعم، فخرج معهم ودعوا آلهتهم وسألوها الإجابة فلم تجبهم، ثم قال سيدهم جندع بن عمرو وأشار إلى صخرة منفردة في ناحية الجبل يقال لها الكاتبة: أخرج لنا من هذه الصخرة ناقة فإن فعلت صدقناك، فأخذ صالح المواثيق: لئن فعلت ذلك لتؤمنن ولتصدقن؟ قالوا: نعم، فصلى ودعا ربه فتمخضت الصخرة وانصدعت عن ناقة كما وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله تعالى من عظمها وهم ينظرون، ثم نتجت ولداً مثلها في العظم فمكثت الناقة مع ولدها ترتعي الشجر وتشرب الماء، وكانت ترد غباً فإذا كان يومها وضعت رأسها في البئر فتشرب كل ما فيها فما ترفع حتى تشرب كل ما فيها فيحلبون ما شاؤوا حتى تمتلئ أوانيهم ويشربون ويدخرون، وروي أن صدرها كان ستين ذراعاً، ورورى الثعلبي: أن جندع بن عمرو آمن به، ورهط من قومه، وروي أن المواشي كانت تفرّ منها إذا رأتها وتهرب منها ابلهم وأغنامهم وبقرهم، وعن السدي: أوحى الله تعالى إلى صالح أن قومك سيعقرون ناقتك، فقال لهم ذلك فقالوا: ما كنا لنفعل، فقال لهم صالح: إنه سيولد في شهركم هذا غلام يعقرها ويكون هلاككم على يديه، وروي أن الذي زين لهم عقرها امرأة يقال لها عنيزة، والذي عقرها قذار بن سالف، فعقرها واقتسموا لحمها وطبخوه، وكان صالح قال لهم: أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب، فلم يقدروا عليه ورقى جبلاً فرغَا ثلاثاً، وقال في الأول: يا رباه، وفي الثاني: يا أماه، وفي الثالث: يا صالحاه، فانفتحت الصخرة بعد رغائه فدخلها فقال لهم صالح: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام تصبحوا غداً ووجوهكم مصفرة، وبعد غد ووجوهكم محمرة، والثالث ووجوهكم مسودة، فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه، فأنجاه الله تعالى إلى أرض فلسطين، ولما كان اليوم الرابع وارتفع الضحى تحنطوا وتكفنوا فأتتهم صيحة من السماء فتقطعت قلوبهم فهلكوا، وروي أنه لم يبق منهم إلا إمرأة مقعدة أطلقها الله تعالى لتخبر بما عاينت من العذاب، وقيل: توفي صالح بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وروي أن عقرهم الناقة كان يوم الأربعاء، ونزل بهم العذاب يوم السبت، وروي أنه خرج في مائة وعشرين من المسلمين فالتفت فرأى الدخان ساطعاً فعلم أنهم قد هلكوا وكانوا ألفاً وخمسمائة دار.