خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣٤
يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ
٣٥
إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ
٣٦
إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ
٣٧
-التوبة

تفسير الأعقم

{ يأيها الذين آمنوا إنَّ كثيراً من الأحبار والرهبان } الآية نزلت في أهل الكتاب، وقيل: في مانعي الزكاة، وقيل: هي عامة في أهل الكتاب والمسلمين، الأحبار علماء اليهود والرهبان علماء النصارى { ليأكلون أموال الناس بالباطل } أراد الرشوة في الحكم { والذين يكنزون الذهب والفضة } يعني جمعوا الأموال ولا يؤدون زكاتها وكل ما يؤدى زكاته فليس بكنز مدفوناً كان أو غير مدفون { يوم يحمى عليها } أي يوقد عليها { في نار جهنم } أي على الكنوز حتى يصير ناراً، وقيل: على الفضة { فتكوى بها جباههم } أي بتلك الكنوز المحماة جباههم { وظهورهم } يعني مانعي الزكاة ليعظم حسرتهم وغمهم ويقال لهم: { هذا ما كنزتم لأنفسكم } الآية، وقيل: إنما خص هذه المواضع بالكيّ لأنه إذا سأله السائل زوى وجهه عنه ثم أعرض عنه ثم ولى ظهره { إن عدَّة الشهور } أي عدة شهور السنة { عند الله } أي في حكمه وتقديره { اثنا عشر شهراً } أولها محرم وسمي بذلك لتحريم القتال فيه { في كتاب الله }، قيل: في اللوح المحفوظ، وقيل: في حكمه وقضائه، وقيل: في كتاب الله الذي كتب لأنبيائه وأوحى إليهم، وقيل: القرآن { يوم خلق السموات والأرض } يعني كتبها وقضى بها عند خلق الأشياء { منها أربعة حرم } وكان تحريم القتال فيها، وقيل: لكثرة حرمتها وعظم الطاعات فيها وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب { ذلك الدّين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم } يعني أن تحريم هذه الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم دين ابراهيم واسماعيل وكانوا يعظمون الأشهر الحرم ويحرمون فيها القتال حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه أو أخيه لم يمسه، وقيل: أحل القتال في الأشهر الحرم، وقيل: معناه لا تأثموا فيهن لعظم حرمتهن { وقاتلوا المشركين كافَّة } أي جميعاً مؤتلفين على قتالهم { كما يقاتلونكم كافَّة } جميعاً { واعلموا أن الله مع المتقين } بالنصر وبالمعونة فهو ناصرهم { إنما النسئ } مصدر أنسأ الله في أجله نسيئاً وأنسأت الناقة في السير إذا رفقت بها، والنسيء أيضاً فعيل بمعنى مفعول { زيادة في الكفر } قيل: كانوا يحولون المحرم صفراًعن ابن عباس، وقيل: كان أهل الجاهلية يؤخرون الحج في كل سنة شهراً، وقيل: سبب ذلك أن العرب كانت تحرم الشهور الحرم وكان ذلك في ملة إبراهيم واسماعيل، وكانوا أصحاب حروث وتجارات، فشق عليهم مكث ثلاثة أشهر متواليات لا يغزون، فأخّروا تحريم المحرم إلى صفر، ثم بعد زمان يؤخرونه إلى ربيع ثم كذلك شهراً شهراً حتى جاء الاسلام، وكان ذلك في كنانة وقد رجع المحرم إلى موضعه وربما زادوا الشهور فيجعلوها ثلاثة عشر شهراً وأربعة عشر شهراً ليتسع لهم الوقت، ولذلك قال تعالى: { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً } ووافقت حجة أبي بكر في ذي القعدة ووافقت حجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للوداع في ذي الحجة، وعن ابن عباس: هو تأخيرهم حرمة شهر حرمه الله إلى شهر لم يحرمه الله بحاجة تعرض لهم فيبدلوا المحرم من صفر وصفر من المحرم { ليواطئوا عدة ما حرَّم الله } أي ليوافقوا العدة ولا يخالفوها { زيِّن لهم سوء أعمالهم }، قيل: زينة الشيطان، وقيل: رؤساؤهم لاتباعهم.