قوله تعالى: {انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله} الآية نزلت في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين، وقيل: بل استأذنه جماعة من المؤمنين في التخلف ففيهم نزلت الآية، ومعناه خفافاً وثقالاً يعني شباباً وشيوخاً، وقيل: مشاغيل وغير مشاغيل، وقيل: ركباناً ومشاة، وقيل: أغنياء وفقراء، وذكر الأصم أن الآية لما نزلت جاء ابن أم مكتوم فقال: يا رسول الله أعليَّ جهاد؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما أنت إلاَّ خفيف أو ثقيل"، فرجع ولبس سلاحه ووقف بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)" فنزل قوله تعالى: {ليس على الأعمى حرج} {ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} بثواب الجهاد {لو كان عرضاً قريباً} أي غنيمة حاضرة {وسفراً قاصداً} سهلاً قريباً {لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة} أي المسافة والسفر البعيد {وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم} وكانوا مستطيعين فحلفوا كذباً {عفى الله عنك}، قيل: عفى عنك عما أقدمت عليه من غير إذن الله تعالى وهو إذنه للمنافقين في القعود عن الغزو، وقيل: شيئان فعلهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يؤمر بهما اذنه للمنافقين وأخذه للفدية من الأسارى، فعاقبه الله تعالى على ذلك {حتى يتبين} من صدق في عدته ومن كذب فيه {لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا} يعني ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في أن يجاهدوا {انما يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر} يعني المنافقين وكانوا تسعة وثلاثين رجلاً {فهم في ريبهم يترددون} عبارة عن التحيز {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة} نزلت في المنافقين كعبد الله بن أبي بن سلول وجدّ بن قيس وغيرهما ممن تخلَّف عن غزوة تبوك، وقيل: لما تخلفوا أنزل الله تعالى قوله: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً}، قوله تعالى: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً} والعدة هيئة الحرب من السلاح والكراع فتركهم لذلك يدل على عزمهم على التخلف {ولكن كره الله انبعاثهم} أي انطلاقهم وخروجهم إلى الغزو لأن خروجهم كان معصية ونفاقاً {وقيل اقعدوا مع القاعدين}: قيل: المرضى، وقيل: الضعفاء والنساء والصبيان {لو خرجوا فيكم ما زادوكم} يعني لو خرج المنافقون معكم أيها المؤمنون ما زادوكم {إلا خبالاً}، قيل: فساداً، وقيل: شراً، وقيل: عذراً ومكروهاً {ولأوضعوا خلالكم} يعني بالنميمة لافساد نيتكم، وقيل: لسارعوا فيما يحل بكم {يبغونكم الفتنة} بأن توقعوا الخلاف فيما بينكم ويفسدوا نياتكم في مغزاكم {وفيكم سمَّاعون لهم} أي نمامون يسمعون حديثكم فيلقونه إليهم، أو فيكم قوم يسمعون للمنافقين ويطيعون، وقيل: فيكم عيون منهم ينقلون أخباركم إلى المشركين {والله عليم بالظالمين} يعني هؤلاء المنافقين الذين ظلموا أنفسهم.