خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
٤٨
وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٤٩
إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ
٥٠
قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
٥١
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ
٥٢
قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٥٣
وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ
٥٤
فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ
٥٥
وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ
٥٦
لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ
٥٧
-التوبة

تفسير الأعقم

{ لقد ابتغوا الفتنة } أي العنت وتفريق أصحابك عنك كما فعل عبد الله بن أبي يوم أُحُد حين انصرف بمن معه، وقوله: { من قبل } يعني من قبل غزوة تبوك، وقيل: يوم الأحزاب، وقيل: طلبوا الأضرار بك حالاً بعد حال { وقلبوا لك الأمور }، قيل: طلبوا لك الحيلة من كل وجه ليبطلوا دينك ولم يقدروا عليه { حتى جاء الحق }، قيل: النصر والظفر الذي وعد الله به { وظهر أمر الله }، قيل: دينه وهو الاسلام { وهم كارهون } يعني هؤلاء المنافقون كرهوا ظهور الاسلام { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني } الآية نزلت في جد بن قيس، وروي: أنه قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تفتني بنات الأصفر يعني نساء الروم ولكني أعينك بما لي واتركني { ألا في الفتنة سقطوا } أي الفتنة التي سقطوا فيها هي فتنة التخلف { ان تصبك } في بعض الغزوات { حسنة } ظفر وغنيمة { تسؤهم وإن تصبك مصيبة } قتل وهزيمة ونكاية شديدة نحو ما جرى يوم أُحُد { يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل } يعني قد أخذنا حذرنا والعمل بالحزم من قبل ما وقع { ويتولوا } عن مقام التحدث بذلك والاجتماع له في أهاليهم { وهم فرحون } { قل } يا محمد { لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا } من الثواب والحسنة، وقيل: ما كتب الله لنا في اللوح المحفوظ وعلمه { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } وحق المؤمنين ألا يتوكلون إلا على الله تعالى { قل هل تربصون بنا } أي هل تنتظرون بنا أيها المنافقون { إلا إحدى الحسنيين } إما النصر والغنيمة مع الأجر وإما القتل والشهادة المؤدية إلى الجنة وهو الفوز العظيم وهذا قول ابن عباس { ونحن نتربص بكم } أي ننتظر { أن يصيبكم الله بعذاب من عنده }، قيل: بالموت { أو بأيدينا } أي بالقتل { فتربَّصوا إنَّا معكم متربصون } أي انتظروا لنا انا منتظرون لكم، يعني لما تقدم ذكره أما القتل وفيه الشهادة، وأما الأجر وفيه الظفر والغنيمة، وقيل: تربصون مواعيد الشيطان وهو إبطال دينه ونحن نتربص مواعيد الله من إظهار دينه والنصر لنا { قل انفقوا طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم } نزلت في جد بن قيس، حين استأذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في القعود عن الجهاد، وقال: هذا ما لي أعينك به عن جماعة المفسرين { وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله ولا يأتون الصلاة إلاَّ وهم كسالى } أي متثاقلين يعني لم يؤدوا الصلاة كما أمروا بل أدَّوها نفاقاً وفي بعض الأخبار أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كره للمؤمنين أن يقول كسلت ولكن ثقلت كأنه ذهب إلى هذه الآية، قوله تعالى: { إنما يريد الله ليعذِّبهم بها في الحياة الدنيا }، قيل: بالمصائب، وقيل: بالسبي وغنيمة الأموال، وقيل: بالدنيا هذا بالمنافقين والعذاب بها عندما يلقون الملائكة في وقت البشارة بالعذاب، وقيل: بأمرهم بإخراج الحقوق منها فهو تعذيبهم، ثم أظهر تعالى سراً من أسرار القوم فقال: { ويحلفون بالله } يعني المنافقين { إنهم لمنكم } في الايمان والطاعة { وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون } يخافون القتل وما يفعل بالمشركين فيظهرون تقية { لو يجدون ملجأ } مكاناً يلجأون إليه متحصنين فيه من رأس جبل أو قلعة أو جزيرة { أو مغارات }، قيل: غيراناً، وقيل: موضعاً يغيبون فيه { أو مدَّخلاً } أو نفقاً يندسون فيه، وقيل: موضع دخول يأوون فيه { لولّوا إليه وهم يجمحون } يسرعون إسراعاً لا يحد همهم شيء.