خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٢٣
إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢٤
-يونس

تفسير كتاب الله العزيز

{ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ } أي يكفرون في الأرض ويفسدون فيها، ويعبدون غير الله، وذلك بغي في الأرض.
ثم قال: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم } يعني بالناس في هذا الموضع المشركين. { إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم } يعني أنه يصير عليكم ثوابه، أي النار ثواب البغي والكفر. { مَّتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا }. يقول: وإنما بغيكم وكفركم في الدنيا، ثم ينقطع فترجعون إلى الله. وهو قوله: { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.
ثم ضرب مثل متاع الحياة الدنيا فقال: { إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ }. قال بعضهم: فأخرجت الأرض ألوانها من النبات. وقال بعضهم: فاختلط ذلك الماء بالنبات الذي أنبت الله بذلك الماء. { مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا } أي زينتها، أي من نباتها من صفرة وحمرة وخضرة. { وَازَّيَّنَتْ } يعني الزينة من زهرتها { وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } أي: أن ذلك الزرع في أيديهم { أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً } أي: قد حصد وذهب أجمع. { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ } أي: كأن لم يكن ذلك الزرع بالأمس قائماً.
قال: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ } أي نبيّن الآيات { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }. يقول: فالذي أنبث هذه الزرع في الأرض المواتِ حتى صار زرعاً حسناً، فاهتز فأخرج زينته، ثم أهلكه بعد حسنه وبهجته، قادر على أن يحيي الموتى. وهو كقوله:
{ كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ } [الكهف: 45] قال: { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الأَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي: إنما يقبل ذلك ويعقله المتفكرون، وهم المومنون. وهو كقوله: { وَمَا يَعْقِلُهَا إلاَّ العَالِمُونَ } [العنكبوت: 43].