ثم احتجّ عليهم أيضاً فقال: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ } يعني القمر { لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ } بالليل والنهار.
{ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ } أي: إن ذلك يصير إلى الحق والمعاد. ثم
قال: { يُفَصِّلُ الأَيَاتِ } أي: نبِيّها { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } وهم المؤمنون.
ثم قال: { إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ } من
شمسها وقمرها ونجومها { وَ } ما خلق في { الأَرْضِ } من جبالها وأشجارها وثمارها
وأنهارها { لأَيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } وهم المؤمنون.
قوله: { إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } [أي لا يخافون البعث، وهم المشركون،
لأنهم لا يقرون بالبعث] { وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا } أي: لا يقرون
بثواب الآخرة { وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ءَايَاتِنَا غَافِلُونَ أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي يعملون.
قوله: { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن
تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ }.
ذكروا عن الحسن أن نبي الله قال: إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله
في صورة حسنة فيقول له: ما أنت، فوالله إني لأراك أمرأَ صِدقٍ. فيقول: أنا عملك
فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة. وأما الكافر فإذا خرج من قبره صور له عمله في صورة
سيئة وشارة سيئة، فيقول له: ما أنت، فوالله إني لأراك أمرأ سوء، فيقول: أنا عملك،
فينطلق به حتى يدخل النار.
وقال مجاهد: { يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ } أي يكون لهم نوراً يمشون به.