قوله: { وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ قَالُوا يَأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا } أي: بمصدِّق لنا { وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ }
أي: ولو صَدَقناك.
{ وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } أي: لطخوا قميصه بدم سخلة، قال
مجاهد: سخلة شاة.
{ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً } أي: زيّنت لكم أنفسكم أمراً { فَصَبْرٌ
جَمِيلٌ } أي: ليس لي فيه جزع، في تفسير مجاهد. { وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا
تَصِفُونَ } أي: ما تكذبون.
قال الحسن: فعلم يعقوب، بما أعلمه الله، أن يوسف حي، ولكن لا يعلم أين
هو.
وذكروا عن الحسن أنه قال: لما جيء بقميص يوسف إلى يعقوب، نظر إليه فلم
يرَ شقاً ولا خرقاً، وقال: ما كنت أعهد الذئب حليمً [أكل ابني وأبقى على
قميصه].
قوله: { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ } الذي يرد الماء ليستقي للقوم.
وقال بعضهم: واردهم: رسولهم. { فَأَدْلَى دَلْوَهُ } أي: في الجب، وهي بئر بيت
المقدس. فلما أدلى دلوه تشبّث بها يوسف.
قال الحسن: فـ { قَالَ } الذي أدلى دلوه في البئر: { يَا بُشْرَىَ هَذَا غُلاَمٌ }
يقول لصاحبه: البشرى! قال له صاحبه: ما وراءك؟ قال: هذا غلام، فأخرجوه. وقال
بعضهم: يا بشراي هذا غلام، أي: تباشروا به حين أخرجوه.
قوله: { وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } قال بعضهم: أخفوه من
أصحابهم. وقالوا: هو بضاعة استبضعناه أهل الماء لنبيعه لهم بمصر.
وقال بعضهم: كان إخوة يوسف، وهم عشرة، قريباً منهم حين أخرجوه من
الجب؛ فجاءوا فقالوا: هذا غلام لنا أبقَ منا، فباعوه منهم، فهم الذين أسروه بضاعة
فباعوه.
وقال مجاهد: وأسروه بضاعة، أي: صاحب الدلو ومن كان معه قالوا
لأصحابهم: إنما استبضعناه، مخافة أن يستشركوهم فيه إن علموا بثمنه. قالوا: إنما
استبضعناه، وإخوته معه يقولون: استوثقوا منه لا يأبِق حتى تبيعوه بمصر. وقال
يوسف: من يبتاعني فليبشر.