خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٣٤
ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ
٣٥
وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيۤ أَرَانِيۤ أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ ٱلآخَرُ إِنِّي أَرَانِيۤ أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٣٦
-يوسف

تفسير كتاب الله العزيز

{ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ } أي: لا أسمع منه ولا أعلم منه.
قوله: { ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الأَيَاتِ } قال مجاهد: يعني قدّ القميص من دبر، وقطع الأيدي، أيدي النسوة. { لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ } أي: حتى زمان، في تفسير الكلبي.
قال الكلبي: بلغنا أنها قالت لزوجها: صدّقته وكذّبتني وفضحتني في المدينة، فأنا غير ساعية في رضاك إن لم تسجن يوسف، وتسمع به وتعذرني، فأمر بيوسف، فحمل على حمار، ثم ضرب بالطبل: إن هذا يوسف العبراني أراد سيدته على نفسها. فطيف به في أسواق مصر كلها، ثم أدخل السجن. قال الكلبي: قال أبو صالح: لم أرَ ابن عباس قط يذكر هذا الحديث على يوسف إلا بكى.
قوله: { وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ. قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً } وهي في قراءة ابن مسعود: أعصر عنباً. { وَقَالَ الأَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً } وفي في قراءة ابن مسعود: قصعة من ثريد. { تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ }.
قال بعضهم: كان إحسانه، فيما بلغنا، أنه كان يداوي جرحاهم، ويعزّي حزينهم، ورأوا منه إحساناً فأحبّوه على فعله.
وكان الذي قال: إني أراني أعصر خمراً ساقي الملك على شرابه، وكان الذي قال: إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه خباز الملك على طعامه. فقال للخباز: إنك تصلب وتأكل الطير من رأسك، وقال لساقيه: أما أنت فترد على عملك. فذكر لنا أنهما قالا حين عبّر لهما الرؤيا: لم نرَ شيئاً، فقال: { قُضِيَ الأَمْرُ الذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }.
وقال الكلبي: قال الساقي: إني أريت فيما يرى النائم أني دخلت الكرم، فإذا أنا بحبلة حسنة الورق والظل، ذات قضبان ثلاثة. فنظرت إلى القضبان فإذا أنا فيها بعنب قد طاب. فأخذت من العنب، فعصرته في كأس الملك، ثم أعطيته إياه، فأخذه من يدي فشربه. فقال له يوسف: نعم الرؤيا رأيت. أما الحبلة التي رأيت وظلها وحسن ورقها فهو عملك الذي كنت عليه، وأما القضبان الثلاثة فهي ثلاثة أيام تكون في السجن، ثم يسأل عنك الملك، فيردك إلى عملك، ثم تعطيه الكأس فيأخذها من يدك ويشربها. ثم قال له يوسف: اذكرني عند ربك، أي: عند الملك، لعله يخرجني من مكاني.
وقال الخباز: رأيت أني أحمل فوق رأسي خبزاً، وقال: يا يوسف، عبر رؤياي كما عبرت لصاحبي، فقال له يوسف: وما رؤياك؟ فقال: رأيت فيما يرى النائم أني خارج من مطبخ الملك، وعلى رأسي ثلاث سلل من خبز، فإذا فوق أعلاها طير تأكل منها. قال له يوسف: رؤياك قبيحة. أما السلل الثلاثة فثلاثة أيام تكون في السجن، ثم يخرجك الملك فيصلبك فتأكل الطير من رأسك. فقال: يا يوسف، فإني لم أرَ شيئاً. قال: { قُضِيَ الأَمْرُ الذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ } كالذي قلتما، كذلك يقضى لكما، لصاحب الخير خير، ولصاحب الشر شر.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"الرؤيا عند عُبِرت"
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الرؤيا معلقة برجل طير ما لم يحدث بها صاحبها، فإذا حدث بها وقعت. فلا تحدثَنَّ بها إلا عالماً أو ناصحاً، أو قال: حبيباً، أو كالذي قال"
ذكروا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان في آخر الزمان، أو إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن. وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً. والرؤيا ثلاثة: منها بشرى من الله، ومنها تحزين من الشيطان، ومنها ما يحدث به الرجل نفسه"