{ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَاَ إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا }
أي: من سرقته { وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ } أي: ما كنا نرى أنه يسرق.
قال: { وَاسْئَلِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا } أي: أهل القرية { وَالعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا
فِيهَا } أي: أهل العير التي أقبلنا فيها { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ }.
قالوا ذلك له فلم يصدقهم و { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } أي: زيَّنت لكم
أنفسكم { أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ }. قال مجاهد: الصبر الجميل: الذي ليس فيه جزع.
كان مفزع يعقوب في يوسف وأخيه جميعاً إلى الصبر الجميل الذي لم يخالطه
الجزع. وكل صبر فيه جزع فليس بجميل.
قوله: { عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً } أي: يوسف وأخيه [وروبيل]
{ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ } أي: العليم بخلقه { الحَكِيمُ } أي: في أمره.
{ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ } أي: وأعرض عنهم { وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ } أي: يا
حزنا على يوسف { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ } أي: عمي { مِنَ الحُزْنِ } على يوسف. وقد
علم بما أعلمه الله بالوحي أن يوسف حي، وأنه نبي، ولكنه لا يعلم حيث هو، فمكث
يبكي. { فَهُوَ كَظِيمٌ } أي: قد كظم على تردد حزنه في جوفه.
وبلغنا أن جبريل عليه السلام دخل على يوسف صلى الله عليه وسلم وعلى جميع
الأنبياء في السجن، فقال له يوسف: أيها الملك الطاهر المطهَّر، الكريم على الله، ما
أدخلك هذا المكان الرجس النجس مع القوم الظلمة. قال جبريل: إن المكان الذي
تكون فيه ليس بنجس. فقال له يوسف: أيها الملك الكريم على الله، أخبرني ما بلغ
وجد يعقوب على يوسف؟ قال: وجد سبعين ثكلى. قال: فما بلغ منه؟ قال: ذهب
بصره. قال فما بلغ أجره؟ قال: على قدر ذلك.
وذكر بعضهم أن ملك الموت دخل على يعقوب فقال له يعقوب: أيها الملك
الكريم على ربه، أسألك بعظمة إلاهك وجبروته هل قبضت روح يوسف فيما قبضت
من الأرواح؟ فقال: لا والله ما قبضت روحه وإنه لحي كما أنك حي.