خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
١١٢
وَلَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ
١١٣
فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً وَٱشْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
١١٤
إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلْدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخَنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١١٥
وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلاَلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ
١١٦
-النحل

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }.
فالقرية مكة، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كفروا بأنعم الله فكذبوا رسوله ولم يشكروا وهم
{ الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } [إبراهيم:28]. وأما قوله: { فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } فإنه الجوع الذي عذبوا به بمكة قبل عذابهم يوم بدر، ثم عذبهم بالسيف قوم بدر. وأما الخوف فبعدما خرج النبي عنهم.
قوله: { فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّباً } يعني المؤمنين؛ ما أحلّ الله لهم من الرزق ومن الغنيمة وغيرها. { وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }.
قال: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ } أي: ذبائح المشركين، ثُمَّ أحلّ ذبائح أهل الكتاب من المشركين.
قوله: { فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وقد فسّرنا ذلك في سورة البقرة وسورة الأنعام.
قوله: { وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ } نزلت هذه الآية في المشركين لما حرموا من الأنعام والحرث وما استحلّوا من أكل الميتة، ثم صارت للناس عامة. تقدّم إليهم ألا يستحلوا التّقَوُّلَ على الله، ولا يفتروا الكذب فيحلّوا ما حرّم الله، ويحرِّموا ما أحلّ الله بالادّعاء على الله والكذب عليه فقال:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ } من المشركين فيما حرّموا من الأنعام والحرث وما استحلوا من أكل الميتة، وممن ادعى من أهل القبلة على الله الكذب، ودان بالأباطيل، واستحلّ وحرّم ما لم يحلّ الله ولم يحرّمه { لاَ يُفْلِحُونَ } جميعاً. وهو كقوله:
{ قُلْ أَرَءَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ } [يونس:59].