قوله: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ }. وقد فسّرناه قبل هذا
الموضع. وعدن أشرف الجنان، نسبت الجنان كلها إليها.
قال: { لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ المُتَّقِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ
المَلاَئِكَةُ } [أي: تقبض أرواحهم] { طَيِّبِينَ }. قال مجاهد: طيبين أحياء وأمواتاً
أينما كانوا بالعمل الصالح { يَقُولُونَ } لهم { سَلاَمٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ }.
ذكروا أن الملائكة تأتي ولي الله عند الموت فيقولون: السلام عليك يا ولي
الله، الله يقرئك السلام وتبشره الملائكة بالجنة. ذكروا أن الله يقول لهم: ادخلوا
الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدرجة في الجنة فوق الدرجة كما بين السماء
والأرض. وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له برق يكاد يخطف البصر، فيقول: ما هذا؟
فيقال له: هذا نور أخيك فلان. فيقول أخي فلان! كنا نعمل في الدنيا جميعاً، وقد
فضل عليّ هكذا؟ فيقال: إنه كان أحسن منك عملاً. قال: ثم يجعل في قلبه الرضا
حتى يرضى"
قوله: { هَلْ يَنْظُرُونَ } أي: ما ينظرون { إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلاَئِكَةُ } أي:
بالموت { أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ } أي: القيامة في تفسير بعضهم: وقال الحسن: هل
ينتظرون إلا أن تأتيهم الملائكة، أي: بعذابهم، يعني مشركي العرب، أو يأتي أمر
ربك، يعني النفخة الأولى التي يهلك بها آخر كفار هذه الأمة الدائنين بدين أبي جهل
وأصحابه قبل عذاب الآخرة.
قال: { كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي: كذلك كذب الذين من قبل
مشركي العرب، فأهلكناهم بالعذاب. قال: { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ } أي: يضرون، وقال الحسن: ينقصون.