{ ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا } أي: ملوماً في نقمة الله، مدحوراً في عذاب الله. والمدحور المطرود المبعد المقصى عن الجنة في النار.
قوله: { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًاً } على الاستفهام.
أي: لم يفعل ذلك، لقولهم: إن الملائكة بنات الله. { إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً }.
قوله: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا القُرْءَانِ لِيَذَّكَّرُوا } أي: ضربنا في هذا القرآن
الأمثال، فأخبرناهم أنا أهلكنا القرون الأولى ليذّكروا فيؤمنوا، لئلا ينزل بهم العذاب
مثلما نزل بالأمم السالفة قبلهم من عذاب الله. { وَمَا يَزِيدُهُمْ } ذلك { إِلاَّ نُفُوراً }
أي: إلاَّ تَرْكاً لأمر الله، يعني أنهم كلَّما نزل من القرآن شيء كفروا به ونفروا.
ذكروا عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لتدخلُنْ
الجنة إلا أن تَشْرَدوا على الله كما يَشرُدُ البعيرُ على أهله، ثم تلا هذه الآية:{ وَلَقَدْ
صَرَّفْنَا فِي هَذَا القُرْءَانِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً }" .
قوله: { قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ ءَالِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ } وهي تقرأ على الياء والتاء. فمن
قرأها بالياء فهو يقول: إنه قال للنبي: قل لهم: { لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ }، ثم أقبل على
النبي فقال: كما يقولون. ومن قرأها بالتاء فهو يقول: إنه قال للنبي: قل لهم: { لَوْ
كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ } كما تقولون؛ { إِذاً لاَّبْتَغَوْا } يعني الآلهة لو كانت آلهة { إِلَى ذِي
العَرْشِ سَبِيلاً } أي: إذاً لطلبوا إليه الوسيلة والقربة. وقال بعضهم: إذاً لعرفوا له
فضله عليهم ولابتغوا ما يقرّبهم إليه.
قوله: { سُبْحَانَهُ } ينزّه نفسه { وَتَعَالَى } أي: ارتفع { عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً
كَبِيراً } أي: ارتفاعاً عظيماً.