خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً
٥٠
أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً
٥١
يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً
٥٢
وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً
٥٣
-الإسراء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } لما قالوا: { أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً }. قال الحسن: فقال الله: { قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ } أي: الموت، أي: إذاً لأماتكم ثم يبعثكم يوم القيامة { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا } أي: خلقاً جديداً { قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } أي: فسيحرّكون إليك رؤوسهم تكذيباً واستهزاءاً. قال: { وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ } يعنون البعث { قُلْ } يا محمد { عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً }. وعسى من الله واجبة؛ وكل ما هو آتٍ قريب.
قال: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } أي: من قبوركم؛ ينادي صاحب الصُّور أن ينفخ فيه. { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي: بمعرفته في تفسير الحسن. وقال بعضهم: بطاعته ومعرفته. والاستجابة خروجهم من قبورهم إلى الداعي صاحب الصور إلى بيت المقدس.
قال: { وَتَظُنُّونَ } أي: في الآخرة { إِن لَّبِثْتُمْ } أي: في الدنيا { إِلاَّ قَلِيلاً } وهو مثل قوله:
{ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } [المؤمنون:113] أي: تصاغرت الدنيا عندهم، ومثل قوله: { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ المُجْرِمُونَ } أي: المشركون { مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ } قال الله: { كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ } أي: يصدّون عن الهدى. وقال: { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُّمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ البَعْثِ } [الروم:55- 56]، وهي مقدّمة؛ يقول: وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله والإِيمان لقد لبثتم إلى يوم البعث. وقال في الآية الأولى: { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } [المؤمنون:114] أي: إن الذي كانوا فيه من الدنيا قليل في الآخرة لأنها لا تنقضي، فعلموا هنالك، أي: في الآخرة، أنه كذلك. وقال بعضهم: وذلك مما تحاقرت الدنيا في أنفسهم لمّا عاينوا يوم القيامة.
قوله: { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي: يأمروهم بما أمرهم الله به وينهوهم عما نهاهم الله عنه. { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } أي: يفسد بينهم. { إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } أي: بيّن العداوة.