قوله: { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } أي: بأعمالكم، يعني المشركين { إِن يَشَأْ
يَرْحَمْكُمْ } أي: يتوب عليكم فيمنّ عليكم بالإِيمان { أَوْ إِن يَّشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } أي:
بإقامتكم على الشرك { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } أي: حفيظاً لأعمالكم حتى
تجازيهم بها.
قوله: { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ
عَلَى بَعْضٍ }. قال الحسن: كلَّم بعضَهم، واتخذ بعضهم خليلاً، وأعطى بعضهم
إحياءَ الموتى. { وَءَاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً }. وهو اسم الكتاب الذي أعطاه الله. قال
بعضهم: بلغنا أن الزبور دعاء علّمه الله داود، وهو تحميد وتمجيد لله، وليس فيه
حلال ولا حرام ولا فرائض ولا حدود.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تخيّروا بين الأنبياء" . وذكر الحسن قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة" .
قوله: { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ } يعني الأوثان { فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ
الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا } يملكون { تَحْوِيلاً } أي: لما نزل بكم من الضر. أي: أن تحولوا
ذلك الضر إلى غيره أهون منه.
قوله: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ } أي: القربة { أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } أي: الجنة { وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } أي: النار { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ
كَانَ مَحْذُوراًً } أي: يحذره المؤمنون.
ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون
نَفَراً من لجن، فأسلم الجنيون ولم يعلم بذلك النفر من العرب. قال الله: { أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ } يعني الجنيين الذين يعبدهم هؤلاء { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ... }
إلى آخر الآية.
وتفسير الحسن: أنهم الملائكة وعيسى. يقول: أولئك الذين يعبدهم
المشركون والصابئون والنصارى. لأن المشركين قد كانوا يعبدون الملائكة والصابئون يعبدونهم.
قال بعضهم: بلغنا أن آل بني مليكة كانوا يعبدون الملائكة والنصارى تعبد عيسى. قال: فالملائكة وعيسى الذين يعبد هؤلاء { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ }.