{وَلَولاَ} أي: فهلا { إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ} ثم
قال: { إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً فَعَسَى رَبِّيَ أَن يُؤْتِيَنِ} في الآخرة { خَيْراً مِّن
جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ} أي: ناراً من السماء، يقول: عذاباً من
السماء، وهي النار { فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً} أي: لا نبات فيها. والصعيد الزلق
التراب اليابس الذي لا نبات فيه. وقال بعضهم: قد حصد ما فيها فلم يترك فيها
شيء. { أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً} أي: ذاهباً قد غار في الأرض { فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ
طَلَباً}. وقال الكلبي: الغور: الذي لا تناله الدلاء.
قال الله: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} أي: من الليل { فَأَصْبَحَ} من الغد قائماً عليها
{ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} أي: يصفق كفيه. قال الحسن: يضرب إحداهما على الأخرى ندامة. {عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا} وقال بعضهم: تلهفاً على ما فاته منها. { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} قال الحسن: عروشها: التراب، قد ذهب ما فيها من النبات.
[وبعضهم يقول: مقلولة على رؤوسها]. { وَيَقُولُ} أي: في الآخرة { يَا لَيْتَنِي لَمْ
أُشْرِكْ بِرَبِّي} أي: في الدنيا { أَحَدَاً}.
قال الله: { وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ} أي: عشيرة { يَنْصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً} أي: ممتنعاً في تفسير بعضهم.
قوله: { هُنَالِكَ الوَلاَيَةُ لِلَّهِ الحَقِّ} أي: في الآخرة. هنالك يتولَّى الله كلُّ عبد. أي: لا يبقى أحد يومئذٍ إلا تولى الله. ولا يقبل ذلك من المشرك.
وهي تقرأ على وجهين: أحدهما برفع الحق والآخر بجرّه. فمن قرأها بالرفع
يقول: هنالك الولاية الحقُّ، فيها تقديم؛ أي: هنالك الولاية الحقُّ لله. ومن قرأها
بالجر فهو يقول: هنالك الولاية لله الحقِّ، والحق اسم من أسماء الله.
{ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً} أي: خير من أثاب، وهو خير ثواباً للمؤمنين من الأوثان لمن
عبدها. { وَخَيْرٌ عُقْباً} أي: خير عاقبة.