خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ
٤٦
وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ
٤٧
-الأنبياء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله عز وجل: { وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ } أي عقوبة { مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ } يعني النفخة الأولى التي يهلك بها كفار آخر هذه الأمة بكفرهم وجحودهم { لَيَقُولُنَّ } أي إذا جاءهم العذاب: { يَاوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }. وهي مثل الآية الأولى التي في سورة الأعراف: { فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمُ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا } أي عذابنا { إِلآ أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [الأعراف: 5].
قوله تعالى: { وَنَضَعُ المَوازِينَ القِسْطَ } أي العدل { لِيَوْمِ القِيَامَةِ }.
ذكر الحسن
"أن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، هل يذكر الرجل حميمه يوم القيامة؟ فقال: ثلاثة مواطن لا يذكر الرجل فيها حميمه: عند الميزان حتى ينظر أيثقل ميزانه أم يخف، وعند الصراط حتى ينظر أيجوز أم لا يجوز، وعند الصحف حتى ينظر أبيمينه يأخذ صحيفته أم بشماله" .
قوله عز وجل: { فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } أي: لا ينقص المؤمن من حسناته ولا يزاد عليه من سيئات غيره، ولا يزاد على الكافر سيئات غيره ولا يجازى في الآخرة بحسنة قد استوفاها في الدنيا.
قال: { وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } أي: عالمين. وقال الحسن: لا يعلم مثقال الذرِّ والخردل إلاَّ الله، ولا يحاسب العبدَ إلا هو.
"ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يأكلون طعاماً فنزلت هذه الآية: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [الزلزلة: 7-8]. فأمسك أبو بكر وقال: يا رسول الله، ما من خير عملته إلا رأيته، ولا شراً عملت إلا رأيته؟ فقال: يا أبا بكر، أما ما رأيت مما تكره في الدنيا فمثاقيل الشر، وأما مثاقيل الخير فتلقاك يوم القيامة، ولن يهتك الله ستر عبد فيه مثقال ذرة من خير" .
وقال بعضهم: وبلغني في الكافر أنه ما عمل من مثقال ذرة خيراً يره في الدنيا، وما عمل من مثقال ذرة شرّاً يره في الآخرة.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"يا أيها الناس لا تغترّوا بالله، فإن الله لو كان مغفلاً شيئاً لأغفل الذرة والبعوضة والخردلة" .