خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ
٧١
أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
٧٢
-المؤمنون

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ } أي: أهواء المشركين { لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ } أي: لهلكت السماوات والأرض { وَمَن فِيهِنَّ } يقول: لو كان الحق في أهوائهم لوقعت أهواؤهم على هلاك السماوات والأرض ومن فيهن. قال بعضهم: الحق ها هنا الله.
قال الله: { بَل أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ } أي: بشرفهم، أي: بشرف من آمن منهم به. قال الحسن: يعني القرآن، أنزلنا عليهم فيه ما يأتون وما يذرون، وما يُحِلُّون وما يُحرِّمون. { فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ } أي: عما بيّنّا لهم معرضون. وقال في آية أخرى:
{ لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ } [الأنبياء: 10] أي: فيه شرفكم، أي: من آمن به منهم.
قوله: { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً } أي: جُعْلاً على ما تدعوهم إليه، أي: إنك لا تسألهم عليه أجراً. { فَخَرَاجُ رَبِّكَ } أي: ثوابه في الآخرة { خَيْرٌ } من أجرهم لو أعطوك في الدنيا أجراً. قال: { وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }.
وقد جعل الله رزق العباد بعضهم من بعض، يرزق الله إياهم، فقسم رزق هذا على يد هذا.
ذكر عن أم الدرداء قالت: ما بال أحدكم يقول: اللهم ارزقني وقد علم أن الله لا يمطر عليه من السماء دنانير ولا دراهم، وإنما يرزق بعضهم من بعض. فمن أتاه الله برزق فليقبله، وإن لم يكن إليه محتاجاً فليعطه أهل الحاجة من إخوانه، وإن كان محتاجاً استعان به على حاجته، ولا يرد على الله رزقه الذي رزقه.
ذكروا عن عمران القصير قال: لقيت مكحولاً بمكة فأعطاني شيئاً فانقبضت عنه. فقال: خذه فإني سأحدثك فيه بحديث، فقلت: حدثني به، فما شيء أحب إليّ منه. قال:
"أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر شيئاً، فكأنه انقبض عن أخذه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاك الله بشيء لم تطلبه ولم تعرض له فخذه؛ فإن كنت محتاجاً إليه فأنفقه، وإن لم تكن محتاجاً إليه فضعه في أهل الحاجة" .