خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ
٩٧
قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ
٩٨
قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
٩٩
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
١٠٠
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
١٠١
-آل عمران

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ } قال الحسن: إن مقام إبراهيم من الآيات البينات. قوله: { وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً }.
ذكروا عن الحسن وغيره قالوا: ذلك في جاهليتهم؛ لو أن رجلاً جَرَّ كلَّ جريرة ثم لجأ إلى الحرم، لم يُطلب ولم يُتَناول. فأما في الإِسلام فإن الحرم لا يمنع من حدّ؛ من قتَل قُتِل، ومن أصاب حداً أقيم عليه.
وفي تفسير عمرو عن الحسن: إن أصاب رجل فيه حدّاً ليس فيه قَوَد ولا رجم أقيم عليه، وإن كان فيه قتل أُخرِج من الحرم فقتل. وأما الحدود كلها دون النفس فتقام عليه في الحرم.
ذكروا عن ابن عباس أنه قال: إذا أصاب الرجل حدّاً ثم لجأ إلى الحرم لم يبايَع ولم يُجَالَس، ولم يُؤْوَ حتى يخرج من الحرم؛ فإذا خرج من الحرم أُقِيم عليه.
قوله: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً }. ذكر الحسن
"أن رجلاً قال: يا رسول الله، قول الله: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ }، أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت النبي عليه السلام، ثم قال: والذي نفسي بيده، لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ما قمتم بها، ولو تركتموها لكفرتم، فذروني ما تركتكم" . وزاد فيه بعضهم: "فذروني ما تركتكم، فإنما هلك من هلك ممن كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءَهم، واختلافهم عليهم" .
وذكر بعضهم مثل ذلك الحديث عن النبي عليه السلام وزاد فيه: "إنما هي حجة وعمرة فمن قضاهما فقد قضى الفريضة وقضى ما عليه" .
قوله: { مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } ذكروا "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله: { من استطاع إليه سبيلاً } فقال: الزاد والراحلة" .
قوله: { وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }. ذكروا عن عطاء قال: الكفر أن [يقول ليس بفريضة] فيكفر به. وذكروا عن الحسن مثل ذلك. وقال بعضهم: { وَمَن كَفَرَ }، يعني أهل الكتاب، لأنه ذكر قصَّتهم قبل هذه الآية.
قوله: { قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ مَنْ ءَامَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي: تصدّون من آمن عن سبيل الله. { تَبْغُونَهَا عِوَجاً } أي إنكم تدعون إلى خلاف سبيل الله، وهو العِوَج. { وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ } إنكم تبغونها عوجاً { وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } يحذرهم ذلك.
وقال بعضهم: تصدون عن سبيل الله، أي عن الإِسلام وعن نبي الله من آمن به وأنتم شهداء على ذلك أي فيما تقرأون من كتاب الله أن محمداً رسول الله وأن الإِسلام دين الله.
قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ } أي من لم يؤمن منهم { يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ءَايَاتُ اللهِ } أي كتابه { وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ } [أي يستمسك بدين الله] { فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }. أي إلى الجنة.
قال الحسن: اعتصامه بالله اعتصامه بحبله، وهو القرآن.
ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوماً
"أي الخلق أعجب إيماناً؟ قالوا: الملائكة. قال الملائكة في السماء فما لهم لا يؤمنون. أي الخلق أعجب إيماناً؟ قالوا: النبيون. قال: النبيون ينزل عليهم الوحي فما لهم لا يؤمنون. أي الخلق أعجب إيماناً؟ قالوا: أصحابك. قال: أصحابي يرونني ويسمعون كلامي فما لهم لا يؤمنون. أعجب الخلق إيماناً قوم يأتون من بعدكم يجدون كتاباً في رَقٍّ فيؤمنون به" .