خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً
١٢
-الأحزاب

تفسير كتاب الله العزيز

قال الله: { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } وهم المنافقون، وهم المرضى، والمرجفون في المدينة، وكل هؤلاء منافقون. وصنّف كل صنف منهم بعَلَمه، وهم منافقون جميعاً، وهو كلام مثنى: { مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً }.
وذلك أنه لما أنزل الله في سورة البقرة:
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلآ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ } [البقرة: 214]. فوعد الله المؤمنين أن ينصرهم كما نصر من قبلهم بعد أن يُزَلزَلوا، وهي الشدّة، وأن يحرَّكوا بالخوف، كما قال النبيُّون، حيث يقول الله: { { حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ } قَالَ الله: { { أَلآ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ } ؛ فقال المنافقون: وعدنا الله النصر [فَلاَ ترانا ننصَر] وأرانَا نُقتَل ونُهزَم.
ولم يكن فيما وعدهم الله ألا يقتل منهم أحد، ولا يهزموا في بعض الأحايين. قال في آية أخرى:
{ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } [آل عمران: 140] وإنما وعدهم الله النصر في العاقبة وطوى عنهم القتل والهزيمة، فذلك معنى قولهم: { مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً }. وتأويل الغرور ها هنا هو الخديعة، يقولون: خدعنا الله، أي: أعلمنا بالعاقبة أنه سينصرنا وطوى عنا ما قبل ذلك مما يصيبنا من الشدائد والقتل والهزيمة. والغرور عند العرب هو الخديعة. قالوا: خدعنا الله، وقد وصفوا الله بالخديعة لهم، ولعمري قد خدعهم، وهو قوله: { إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } [النساء: 142]. وتفسير مخادعة الله إياهم في سورة الحديد. وسنفسّره إن شاء الله.