قوله: { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ
الأَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً }. وهذا الذكر تطوّع ليس فيه وقت.
قال: { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ } يعنون
الآية التي في سورة البقرة، وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. { وَصَدَقَ اللهُ
وَرَسُولُهُ }. قال الله: { وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } { إِلاَّ إِيمَاناً }، أي: تصديقاً
{ وَتَسْلِيماً } أي: لأمر الله.
وتفسير الكلبي أن الأحزاب لما خرجوا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق أن
يحفر، فقالوا: يا رسول الله، وهل أتاك من خبر؟ فقال: نعم. فلما حُفِر الخندق وفُرِغ
منه أتاهم الأحزاب. فلما رآهم المؤمنون قالوا: { هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ
وَرَسُولُهُ... } إلى آخر الآية.
قوله: { مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ } حيث بايعوه على أن
لا يفروا، وصدقوا في لقائهم العدو، وذلك يوم أحد. { فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ }
تفسير مجاهد: { فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ } أي: عهده فقتل أو عاش { وَمِنْهُم مَّن
يَنتَظِرُ } يوماً فيه قتال فيقضي عهده ويقاتل [فيقتل أو يصدق في لقائه]. وبعضهم
يقول: { فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ } أي: أجله، يعني من قتل يومئذ: حمزة وأصحابه
{ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ } أي: أجله. قال: { وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } كما بَدَّلَ المنافقون.
قال: { لِّيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ } أي: المؤمنين الذين صدقوا في قولهم
وفعلهم. { بِصِدْقِهِمْ } أي: بإكمالهم فرض الله ووفائهم بما عاهدوا الله عليه، أي:
يجزيهم بذلك الجنة.
قال: { وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ إِن شَآءَ } فيموتوا على نفاقهم فيعذبهم، فإنه قد شاء
عذابهم إذا ماتوا على نفاقهم فيعذبهم. { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } أي: يمن عليهم بالتوبة
فيرجعوا عن نفاقهم ويتوبوا منه. { إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً } أي: لمن تاب منهم من نفاقه
وكفره { رَّحِيماً } أي: رحيماً له إذ جعل له من نفاقه متاباً ومرجعاً.