قوله عز وجل: { يَآ أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ }. والجلباب: الرّداء تقَنَّعُ به وتغطّى به شِقَّ وجهِها الأيمن،
تغطّي عينها اليمنى وأنفها. { ذَلِكَ أَدْنَى } أي: أجدر. { أَن يُعْرَفْنَ } أنهم حرائر
مسلمات عفيفات { فَلاَ يُؤْذَيْنَ } أي: فلا يعرض لهن أحد بالأذى. وكان المنافقون
هم الذين كانوا يتعرّضون النساء.
قال الكلبي: "كانوا يلتمسون الإِماء، ولم تكن تعرف الحرة من الأمة بالليل، فتلقى نساء المؤمنين منهم أذى شديداً. فذكرن ذلك لأزواجهن، فرفع ذلك إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية" .
وقال الحسن: كان أكثر من يصيب الحدود يومئذ المنافقون.
[ذكروا عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رأى أمة عليها قناع فعلاها بالدّرّة
وقال: اكشفي رأسك ولا تتشبّهي بالحرائر]. قال الله: { وَكَانَ اللهُ غَفُوراً
رَّحِيماً }.
ثم قال: { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } يعني الزنى
{ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ } يعني المنافقون، يرجفون بالنبي وأصحابه؛ يقولون:
يهلك محمد وأصحابه. وقال الكلبي: { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ } أي: لئن لم ينتهوا
عن أذى نساء المؤمنين. { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } أي: لنسلطَنَّك عليهم { ثُمَّ لاَ
يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ } أي: في المدينة { إِلاَّ قَلِيلاً مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا
تَقْتِيلاً }.