خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٠
وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ
٢١
قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ
٢٢
-سبأ

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } يعني جميع المشركين { فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ } وذلك أنه كان يطيف بجسد آدم قبل أن ينفخ فيه الروح، فلما رآه أجوف عرف أنه لا يتمالك، ثم وسوس بعد لآدم فأكل من الشجرة، فقال في نفسه: إن نسل هذا سيكونون مثله في الضعف فلذلك قال: { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإِسراء: 62]. وقال: { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [سورة ص: 82] وقال: { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } [الأعراف: 17]، وأشباه ذلك.
وبعضهم يقول: إن إبليس قال: خلقت من نار وخلق آدم من طين، والنار تأكل الطين، فلذلك ظن أنه سيضل عامتهم.
وكان الحسن يقرأ هذا الحرف: { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } يقول: لقد صدّق عليهم ظنّ إبليس، فيها تقديم، ثم قال: ظَنٌّ ظَنَّهُ، ولم يقل ذلك بعلم، يقول: فصدَّق ظنَّه فيهم. ومجاهد يقرأها: { وَلَقَدْ صُدِّقَ عَلَيْهِم إبليسُ ظَنُّه }. يقول: صُدِّقَ إِبْلِيس ظنُّه فيهم حيث جاء أمرهم على ما ظنَّ.
قال: { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ } كقوله:
{ { فَإِنَّكُمْ } يا بني إبليس { { وَمَا تَعْبُدُونَ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } أي: ليس له عليكم سلطان { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } [الصافات: 161-163]. أي: لستم بمضلي أحد إلا من هو صال الجحيم. قال: { إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالأَخِرَةِ } وهذا علم الفَعال. { مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا } أي: من الآخرة { فِي شَكٍّ } منها. وإنما جحد المشركون الآخرة ظناً منهم، وذلك منهم على الشك. قال: { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } أي: حتى يجازيهم في الآخرة.
قوله: { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللهِ } يعني أوثانهم، أي: زعمتم أنهم آلهة { لاَ يَمْلِكُونَ } أي: لا تملك تلك الآلهة { مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } أي: وزن ذرة { فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا } أي: في السموات و الأرض { مِن شِرْكٍ } { وَمَا لَهُ } أي: لله { مِنْهُم } أي: من أوثانهم { مِّن ظَهِيرٍ } أي: من عوين.