خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
٥٢
وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
٥٣
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ
٥٤
-سبأ

تفسير كتاب الله العزيز

{ وَقَالُوا ءَامَنَّا بِهِ } أي: بالقرآن. قال الله: { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ } أي: وكيف لهم تناول التوبة. { مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } أي: قد فاتهم ذلك.
ذكروا عن أبي إسحاق الهمذاني عن رجل من بني تميم عن ابن عباس في قوله: { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } أي: أنّى لهم الردّ وليس بحين الرّدّ.
ذكروا عن الحسن قال: أي: إذا خرجوا من قبورهم بعد النفخة الآخرة وأخذوا من مكان قريب.
قال: { وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } أي: كذَّبوا بالبعث، وهو اليوم عندهم بعيد لأنهم لا يقرُّون به.
{ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } وهو تبع للكلام الأول: { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا ءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ } يعني الرد { مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } أي: من الآخرة إلى الدنيا.
وفي تفسير مجاهد: { التَّنَاوُشُ } التناول. كقوله: وقد كفروا به من قبل، فكيف لهم بالتوبة، وليس بالحين الذي تقبل فيه التوبة. { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } قال مجاهد: أي: من مال أو ولد أو زهرة.
وقال بعضهم: { مَا يَشْتَهُونَ } أي: الإِيمان. أي: حيل بينهم وبين الإِيمان أي: بإقامتهم على الكفر في الدنيا. فلما رأوا العذاب آمنوا، فلم يقبل منهم إيمانهم عند نزول العذاب.
قال: { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ } أي: كما لم تقبل من أشياعهم، أي: ممن كان على منهاجهم ودينهم: الشرك، لما كذبوا رسلهم جاءهم العذاب، فآمنوا عند ذلك، فلم يقبل منهم.
وهو قوله:
{ { فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } أي: عذابنا { { قَالُوا ءَامَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ } قال الله: { { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } أي: عذابنا { سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } [غافر: 84-85] أي: مضت في عباده المشركين، أي: إنهم إذا كذبوا المرسلين أهلكهم الله بعذاب الاستئصال.
{ إِنَّهُمْ كَانُوا } أي: قبل أن يأتيهم العذاب { فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ } أي: من الريبة. وذلك أن جحودهم بالقيامة وبأن العذاب يأتيهم إنما ذلك ظن منهم، فهم منه في شك، ليس عندهم بذلك علم يقين.