خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً
١٠١
وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً
١٠٢
-النساء

تفسير كتاب الله العزيز

قوله: { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ } أي أن يقتلكم { الذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً } هذا قصر صلاة الخوف.
قال: { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ } أي يضعون أسلحتهم وهم حذرون { إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }. أي من الهوان. وقد فسّرنا صلاة الخوف في سنن الصلاة.
وتفسير مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا بعُسفان والمشركون بضَجْنَان فتواقفوا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر أربعاً، ركوعهم وسجودهم وقيامهم وقعودهم جميعاً؛ فهمَّ به المشركون أن يغيروا على أمتعتهم وأثقالهم، فأنزل الله عليه: { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ }.... إلى آخر الآية. فصلّى رسول الله العصر؛ فصفَّ أصحابه خلفه صفين، ثم كبَّر بهم وكبَّروا جميعاً؛ فسجد الأوّلون بسجود النبي، والآخرون قيام؛ ثم سجد الآخرون حين قام النبي والصفّ الأول، ثم كبّر بهم وكبّروا جميعاً. فتقدم الصف الآخر وتأخر الصفّ الأول، فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة، فقصرت العصر إلى ركعتين.
ذكروا أن أبا موسى الأشعري صلّى بأصحابه صلاة الخوف بالدير من أصبهان، وما بهم يومئذ كثير خوف، إلا أنه أراد أن يعلمهم دينهم؛ فجعل طائفة وراءه وطائفة مقبلة على عدوهم معهم السلاح؛ فصلى بالذين معه ركعة، ثم تأخروا على أعقابهم حتى قاموا مقام أصحابهم. وجاء الآخرون يتخللونهم حتى قاموا مقام أصحابهم، فصلى بهم ركعة أخرى، ثم قاموا فصلوا ركعة، ثم سلم كل إنسان منهم على يمينه وعلى يساره.
ذكروا عن ابن عمر أنه كان يقول في صلاة الخوف: يكونون فرقتين: فرقة تصلي مع الإِمام، وطائفة تحرسهم؛ فيصلي بالذين يلونه ركعة، ثم يتأخرون على أعقابهم، فيقومون في مصاف إخوانهم، ويتقدم الآخرون، فيصلي به ركعة أخرى ثم يسلم؛ ثم يصلي كل إنسان منهم ركعة.
ذكروا عن إبراهيم قال: يكونون طائفتين: طائفة خلفه وطائفة قبالة العدوّ؛ فيصلي بالذين خلفه ركعة، ثم يتأخرون حتى يقوموا في مقام أصحابهم، ويجيء الآخرون حتى يقوموا في مقام خلف الإِمام، فيصلي بهم ركعة، ثم يسلم. ثم يرجعون إلى مقام أصحابهم، ويجيء أصحابهم فيصلون ركعة، ثم يرجعون إلى مقام أصحابهم، ويجيء الآخرون إلى مقام أصحابهم فيصلون ركعة ثم يسلمون.
ذكروا عن جابر بن عبد الله أنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف فصفّهم خلفه، ثم كبر فكبروا جميعاً، ثم ركع فركعوا جميعاً، ثم رفع رأسه فرفعوا جميعاً، ثم سجد فسجد الذين يلونه والآخرون قيام. فلما رفعوا رؤوسهم من السجود سجدوا. قال بعضهم: كان العدو فيما بين أيديهم وفيما بينهم وبين القبلة.
وقال بعضهم: عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى بهم صلاة الخوف فقامت طائفة وراءه، وطائفة خلفه مقبلة على العدو. فصلّى بالذين خلفه ركعتين، ثم تأخروا، وجاء آخرون فصلّى بهم ركعتين ثم سلّم؛ فتمت للنبي أربع ركعات، وللناس ركعتان. قال بعضهم: نرى أنه إنما كان هذا قبل أن تقصر الصلاة.
قال بعضهم: إذا هجم العدو على قوم في مدينتهم صلّوا هكذا لا يقصرون الصلاة، ثم يقضون ركعتين ركعتين، ويكون قضاؤهم: أنَّ الذين صلى بهم آخراً يتأخرون حتى يقوموا في مقام أصحابهم، ثم يجيء أصحابهم إلى مكانهم فيقضون ركعتين، ثم يسلّمون، ثم يتأخرون إلى مقام أصحابهم، ثم يجيء أصحابهم إلى أماكنهم فيقضون ركعتين ثم يسلمون.
أما صلاة المغرب في الخوف فقال بعضهم: يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، ثم يتأخرون ويتقدم الآخرون فيصلّي بهم ركعة ثم يسلّم. ثم يتأخرون إلى مقام أصحابهم، ثم يجيء أصحابهم فيصلون الركعة التي بقيت عليهم، ثم يرجعون إلى مقام أصحابهم، ويتقدم الآخرون، ويصلون ركعتين ثم يسلّمون.
ذكروا عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بين مكة والمدينة ركعتين لا يخاف إلا الله.
ذكروا عن حارثة بن وهب الخزاعي أنه قال: صليت مع رسول الله بمنى ركعتين، أكثر ما كان الناس وآمنهم.
ذكروا أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني رجل تاجر اتّجر إلى البحرين، فكيف تأمرني بالصلاة؟ قال: صلّ ركعتين.