تفسير سورة النساء، وهي مدنية كلها.
{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ
وَاحِدَةٍ } يعني آدم { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أي حواء من ضِلَع من أضلاعه
القصيرى، من جنبه الأيسر وهو نائم.
قال مجاهد: فاستيقظ فقال: أثا أثتى، أي: امرأة امرأتي. أثا بالسريانية. أشا
اشتي. أي: امرأة، امرأتي، إلا أنه بالتاء عبراني، وبالشين سرياني. وإِثا: تعالى.
ذكر الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خلقت من ضِلَع، وإنك إن
ترد إقامتها تكسرها، فدارها تعش بها" .
ذكر أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خلقت من ضِلَع، لا تستقيم
على خلقة واحدة، إنما هي كالضلع، فإن أقمتها كسرتها وإن تركتها استمتعت بها
على عوجها" .
قوله: { وَبَثَّ مِنْهُمِا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً } أي: وخلق منهما رِجالاً كثيراً ونساءً.
{ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ } أي: واتقوا الأرحامَ أَن تقطعوها، في
تفسير من قرأها بالنصب. ومن قرأها بالجر فهو كقول القائل: أنشدك بالله وبالرحم.
قوله: { إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } أي حفيظاً.
قوله: { وَءَاتُوا اليَتَامَى أَمْوَالَهُمْ } أي أعطوا اليتامى أموالهم، أي: إذا بلغوا.
{ وَلاَ تَتَبَدَّلُوا الخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ }. قال مجاهد: ولا تتبدلوا الحرام بالحلال. وقال
الحسن: الخبيث: أكل أموال اليتامى، والطيّب: الذي رزقكم الله؛ يقول: لا تذروا
الطيّب وتأكلوا الخبيث الذي حرَّم الله عليكم.
قوله: { وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ } أي لا تأكلوا أموالهم ظلماً إلى
أموالكم، أي مع أموالكم. { إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً }. قال الحسن: ذنباً كبيراً. وقال
غيره ظلماً كبيراً. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أكل أموال اليتيم من الكبائر" .